قضايا وآراء

لا تقتلوا روح الإبداع في أولادنا

حارث العباسي
1300x600
1300x600
مع مطلع كل عام دراسي، تكثر الشكاوى حول الواقع المدرسي والأجواء السلبية التي حكمت المدارس منذ عقود عقلية الإدارة والمدرس لا تصلح لهذا المكان؛ لأنها لم تتواكب مع متغيرات الواقع والبيئة وما حصل من قفزة في عالم الصناعة وسهولة الحصول على المعلومة.

خالد يفكر بمحمد الابن الصغير الذي سيحمله بعد أيام إلى مقاعد الدراسة، وهو الآن يحمل همّاً كبيراً كيف سيدخله المدرسة مع كمية فظاعة وسلبية سمعها من إخوانه الذين سبقوه في مقاعد الدراسة، وهو على مدار أعوام مضت يراهم منكبين على الدفاتر والأوراق يكتبون أو يحضرون واجباتهم، فلا وقت للعب في أيام الدراسة. وإن كان اللعبُ فهو على حساب الواجبات والتحضيرات المدرسية ليتلقون بعدها صفعة على وجوههم أو وجبة من الإساءة التي تقلل من كرامتهم؛ لأن من علمني حرفاً ملكني عبداً. ففي بلداننا كل شيء على حساب كرامتنا حتى التعليم، ولا ضير بعدها أن نعيش بلا حرية، فنحن رُبّينا على العبودية في مناهجنا الدراسية.

تتسارع الأيام ليبدأ اليوم العام الدراسي الذي سيجلس فيه محمد لأول مرة في مقاعد الدراسة المرحلة الأولى للأطفال عجيبة غريبة. أذكر حينها عن نفسي بقيتْ أمي على مدار شهر تأتي إلى المدرسة وترجع، فإذا غفلت عنها صرخت أو خرجت من المدرسة إلى أن استقريت بعدها، وأصبحت طالباً أذهب إلى المدرسة بمفردي لكن كان كل هذا بوسائل مبدعة ولطيفة من أمي حفظها الله.

نعود إلى خالد والد محمد وقصته مع اليوم الأول لقد بدأ بحق العام الدراسي أحضرنا احتياجات محمد الدراسية من حقيبة وملابس وقرطاسية كل شيء جاهز، لكن يا ترى هل محمد جاهز ومستعد نفسيا للدخول إلى هذا العالم؟ أسئلة كثيرة لا تخطر على بالنا قبل أن نرسل الأبناء إلى المدارس، منها الاستعداد النفسي وبناء الصورة الإيجابية عن المدرسة ورسائل تحفيز عن العلم لا يتلاقها الأبناء من البيت ولا من المدرسة، لينكب على وجهه في أول يوم دراسي ويرى نفسه وسط العشرات من الأولاد لا يعرفهم وربما لا يود مصاحبتهم.

على كل حال، نحن في صباح اليوم للعام الدراسي محمد الذي كان يستيقظ في العاشرة صباحا الآن بدأ يستيقظ في السابعةِ صباحاً لقد تغير كل شيء.

أصبح لسانُ حالهِ أي جحيم هذا الذي يمنعني من النوم ويجعلني أستيقظ مبكراً للحاق بطابور الصباح، وخوفاً من العقوبة في حال تأخري عن بداية الداوم.

وأخيراً، تناول محمد طعامه وجهز حاله وقامت أمه بترتيبه وتصفيف شعره، فهو رسولها وممثلها ومدى الاهتمام به ينعكس بشكل كبير على سمعتها. ركب محمد السيارة متوجهاً إلى المدرسة لأول مرة في حياته، بعدما حاول أن يستعد لها رغم كل السلبية التي سمعها عنها لكنها شرٌ لا بُدّ منه.

دخل محمد المدرسة ليبدأ مشواره الجديد في الحياة هنا دخل خالد والد محمد إلى المدير والكادر التعليمي ليهنئهم ببداية العام الدراسي. فبعد التهنئة، قال لهم لقد أتيتكم بآخر أولادي محمد سيكون طالباً في مدرستكم لكني أطلب منكم أموراً.

لا تقتلوا إبداع أولادنا فحافظوا على الإبداع الذي يمتلكونه، وإن كُنتُم لا تستطيعون تطويرها أبلغونا لنطوره أو نتعاون معاً على تطويره.

لا ترهقوهم بالواجبات والتحضيرات. راعوا راحتهم وأوقات ألعابهم وعلاقاتهم الاجتماعية.

لا تهدروا كرامتهم وحريتهم علموهم بطعم الكرامة والحريّة لكيلا يكونوا عبيدا مثلنا في المستقبل. قدسوا الحرية واجعلوها كذلك في نفوسهم.

لا تبخلوا عليهم بكلمة ثناء أو تشجيع أو تحفيز، فقد يكون أحدهم حاملاً لواء الإصلاح وإنقاذ الإنسانية.
التعليقات (1)
مصري جدا
الإثنين، 17-09-2018 08:37 م
لقد وضعت الملح على الجرح ايها الكاتب المحترم ،،، هل تعلم ان علماء التربية في عالمنا العربي توصلوا لنظرية مرعبة مفادها ،،، ان الطفل العربي من اذكى اطفال العالم حتى يدخل المدرسة ،،، وان غالبية العاملين بحقل التربية والتعليم غير مؤهلين تربويا ،،، وان المدرسة عامل هدم للشخصية وليست عامل بتاء ،، وان طريقة التعليم في مدارسنا تقتل العقل وتحرم التفكير ،،، وان المبدعين هم اكثر الاطفال معاناة داخل منظومة التعليم ،، وان كثير من المدارس لا تصلح من الناحية الصحية ان تكون اسطبلات ولا حظائر لتربية الدواجن ،،، وان غالبية التقارير الاي ترفع للمسؤلين في وزارة التعليم مفبركة وغير دقيقة ولا تخضع لاي منهج علمي ،،، وان وزير التعليم يعين ويقال لا يدري لماذا جاء او لماذا رحل او اقيل ،،، عموما لا تيآس ،، لان المدرسة رافدا واحدا من 5 روافد لتربية الاطفال ،، هم البيت والمدرسة والمسجد آوالكنيسة والاعلام ومجموعة الاصدقاء ،،، فاختر لطفلك افضل مدرسة وفقا لامكاناتك وتواصل دوما مع المعلمين والادارة ،، وقم بدورك في البيت ولا تجعل هم الواحبات المدرسية كابوسا يزعج طفلك ،، وساعده في اختيار اصحابه ،، واصحبه معك للمسجد او الكنيسة ،، واختر له البرامج الاعلامية المفيدة نفسيا وفكريا ووجدانيا ،،، واذهب معه للنادي وصالات الترفيه والالعاب ،، وخاطب عقله وقلبه وروحه واهتم ببناينه البدني ،،، المدرسة عامل مساعد وليست اصل التفاعل ،،،