المرأة والأسرة

لماذا ينتشر الزواج العرفي بمصر.. وهل تساهم القوانين بتفاقمه؟

ارتفاع أعداد عقود الزواج العرفي في عام 2017 إلى 149 ألفا- أرشيفية
ارتفاع أعداد عقود الزواج العرفي في عام 2017 إلى 149 ألفا- أرشيفية

أصبح الزواج العرفي ظاهرة مقلقة في مصر، بعد أن زادت حالاته في السنوات الأخيرة بشكل كبير، باعتراف الجهات الرسمية في البلاد.


وكان الجهاز المركزي للإحصاء قد أعلن ارتفاع أعداد عقود الزواج العرفي في عام 2017 إلى 149 ألفا، بما يمثل 13.7% زيادة عن عام 2016، الذي سجل 128 ألف عقدا، وبزيادة قدرها 21.5% عن عام 2015.

 

وبحسب خبراء، فإن الزواج العرفي ينتج عنه مشكلات اجتماعية وضياع لحقوق الزوجات والأبناء، الأمر الذي دفع عددا من نواب البرلمان للمطالبة بسن تشريع جديد للحد من تنامي تلك الظاهرة.


وأثار هذا الأمر تساؤلات حول أبرز أسباب انتشار الزواج العرفي في مصر، ومدى مساهمة القوانين الحكومية في زيادته.

 

القوانين تزيد من الظاهرة

 

وبحسب خبراء، فإنه بجانب العوامل التقليدية الشهيرة، ومن بينها الهروب من الأعباء والالتزامات المادية للزواج الرسمي، والتي أصبحت فوق قدرة ملايين الشباب في سن الزواج، تعد القوانين الحكومية من أبرز الأسباب التي تتسبب في زيادة معدلات الزواج العرفي، حيث يلجأ عدد من الأسر إلى الطلاق الصوري، فيتم طلاق السيدة من زوجها، ثم يتزوجون مجددا بعقد عرفي، حتى تتمكن السيدة من تقديم أوراق الطلاق للحكومة للحصول على معاش التضامن الاجتماعي.

 

كما تلجأ بعض الأسر إلى الطلاق الرسمي، ثم يعيدون الزواج عرفيا، حتى يحصل ابنهم على إعفاء من التجنيد الإجباري بالجيش، باعتباره الابن الأكبر للأم المطلقة.

 

كذلك، فإن الزواج العرفي منتشر بكثرة في المناطق الريفية، حيث تلجأ العائلات إليه لتزويج فتياتهم القاصرات عرفيا، حيث يشترط القانون أن تتم الفتاة 18 عاما حتى يمكنها توثيق عقد زواجها رسميا.

 

حملة برلمانية

 

وفي هذا السياق، دشن نواب في البرلمان حملة لمواجهة الزواج العرفي، حيث تبنى النائب إسماعيل نصر الدين دعوة لتيسير إجراءات الزواج بعنوان "زواج دون مغالاة"، هدفها توعية الآباء بعدم المغالاة في شروط الزواج.

 

كما طالبت النائبة هبة هجرس بسن تشريع جديد يحفظ حقوق جميع أطراف الزواج العرفي، مؤكدة، في تصريحات صحفية، أن الزواج العرفي بشكله الحالي يهدد الاستقرار الأسري، ويضيع حقوق الزوجة والأطفال، ويتسبب في فوضى أخلاقية.

 

من جانبها، قال النائبة آمنة نصير إن من يقدم على الزواج العرفي يسعى وراء قضاء رغباتهم فقط، باعتباره زواجا بلا تكلفة ولا ضوابط، مؤكدة أن هذا الزواج خارج عن نطاق الشريعة والقانون، ويمكن

التصدي له بتبسيط الزواج الرسمي باعتباره البديل الطبيعي له.

 

وأوضحت أنها بصدد إعداد قانون يعاقب الخارجين على نطاق الزواج الرسمي، موضحة أن القانون ينص على أن المسؤولية الأولى تقع على الشاب المتزوج عرفيا، ويعاقب بالحبس عاما على الأقل.


خطر متفاقم

 

وتعليقا على هذه الظاهرة، قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، طه أبو حسين، إن ظاهرة الزواج العرفي بلغت نسبا لا يمكن السكوت عليها، مؤكدا أنها باتت تشكل خطرا كبيرا على المجتمع بأسره.

 

وأضاف أبو حسين، في تصريحات لـ"عربي21"، أن المجتمع المصري يعاني من العديد من المشكلات الاجتماعية السلبية في السنوات الأخيرة، وهو ما ينذر بخطر متفاقم يستلزم تدخلا قويا من الدولة.


وأوضح أن الدولة عليها مسؤولية في تنمية الوعي الثقافي للمواطنين، وتعريف الشباب بحقيقة ومعنى الزواج، وكيفية إقامة حياة أسرية سليمة، مضيفا أن الزواج العرفي منتشر في الطبقة الفقيرة، وإذا كانت الدولة تريد التقليل من انتشاره، فيجب عليها مواجهة الفقر، ورفع المستوى الاقتصادي والمعيشي للمواطنين.

 

وأضاف أن هناك نوعين من الزواج العرفي، الأول جاد وهو زواج شرعي مكتمل الأركان ولا غضاضة فيه؛ بسبب توافر جميع الشروط المعروفة به، ولا ينقصه سوى التوثيق الرسمي، موضحا أن الزواج العرفي الجاد هو بمثابة حل فطري ومحاولة طبيعية للهروب من المسؤوليات المادية وتكاليف الزواج المرهقة للشباب، مشيرا إلى أن التدهور الاقتصادي وارتفاع الأسعار يزيد من لجوء الشباب إلى الزواج العرفي.

 

وتابع: أما النوع الثاني فهو الزواج العرفي غير الجاد، وهو زواج غير شرعي وغير قانوني، وغالبا ما يكون سريا وبعيدا عن  المعنى الحقيقي للزواج.

 

أما عن لجوء كثير من المواطنين إلى الزواج العرفي كنوع من التحايل على القانون للحفاظ على بعض المكاسب المادية، مثل المعاش أو الهروب من التجنيد الإجباري لأبنائهم، فقال أستاذ علم الاجتماع إن هذا السلوك دناءة أخلاقية وتصرف غير قانوني.

 

وانتقد الدعوات المتصاعدة من المسؤولين ونواب البرلمان لمواجهة الزواج العرفي، واصفا إياها بالمواجهة السطحية، حسب قوله، مشددا على أنه لا يمكن إيقاف الغرائز، بل يمكن تهذيبها، وبدلا من محاولة القضاء على الخطأ يجب تسهيل الحلال.

 

وردا على المطالبات بمعاقبة من يلجأون إلى الزواج العرفي، قال طه أبو حسين إن الحكومة لا يمكنها الإقدام على هذه الخطوة؛ لأنها لن تستطيع أن تغلق جميع الأبواب في وجه غريزة الناس.


واختتم أبو حسين تصريحاته بتوجيه نداء إلى الآباء بتسهيل الزواج؛ رفقا بالشباب، وألا يحولوا الزواج إلى صفقة تجارية، فأقلهن مهرا أكثرهن بركة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

0
التعليقات (0)

خبر عاجل