قضايا وآراء

العلاقات الاردنية القطرية ...الى اين؟

1300x600
1300x600

على الرغم من زيارة وزير العمل الاردني سمير مراد الى الدوحة؛ ومن قبله وزير التعليم العالي عادل الطويسي في اقل من شهرين؛ الا ان التمثيل الدبلوماسي لا زال في مستوى متدن؛ اذ لم يتم تبادل السفراء بين البلدين حتى هذه اللحظة.

 

لا يعلم السبب الحقيقي والعملي خلف تأخير رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي فالهواجس والمخاوف الاقليمية في ادنى مستوياتها؛ والعلاقات تشهد تسارعا كبير في العلاقات الاقتصادية والزيارات المتبادلة بين البلدين شملت زيارة مسؤولين قطريين لعمّان.

 

قطر تبدو المبادرة في الظاهر بتقديم المنح او بدعوة الوزراء؛ غير ان الحقيقة اعمق من ذلك فالعلاقة امر واقع؛ و الحراك القطري نتيجة لواقع اخذ في التطور؛ أي شرط لجواب كما يقول العلامة الراحل الشعراوي في تفسير المقصود بجواب الشرط؛ فالشرط ( الحراك الدبلوماسي والاقتصادي) ما كان له ان يكون لولا وجود الجواب اصلا؛ العلاقة القوية والمصالح المشتركة التي تجمع البلدين.


ذلك ان قطر اعلنت عن منحة كبيرة للأردن ترافقت مع الاحتجاجات الشعبية في حزيران رمضان الماضي؛ تضمنت مساعدات واستثمارات بقيمة نصف مليار دولار و توفير عشرة الاف فرصة عمل للأردنيين؛ اعلنت تفاصيلها بعيد زيارة وزير العمل الى الدوحة يوم الثلاثاء الموافق 17تموز.

 

رغم التطور في العلاقات الاردنية القطرية الا انها تدار بخجل و على مستويات وزارية متجاوزه السفراء بالقطعة ومجزئة ( التعليم والعمل ) عاكسة هواجس ومخاوف اقليمية لأطراف عربية متوجسة من هذا الانفتاح والتطور؛ فبقدر رغبة قطر الملحة في التعافي من الازمة الخليجية وحصار الرباعية العربية (الامارات والسعودية ومصر والبحرين)؛ تظهر الحاجة الاردنية القوية للتعافي من الازمة الاقتصادية والحصار غير المعلن الذي تعانيه نتيجة الازمات الاقليمية وحالة انعدام اليقين السائدة في الدول المجاورة.
فالمؤشرات تؤكد على صعوبة تحسن البيئة الاقليمية المحيطة بالأردن خلال الاشهر والاعوام القليلة القادمة؛ خصوصا وان الرياض وابو ظبي منشغلة بأوضاعها الداخلية الاقتصادية والسياسية وبحربها في اليمن ايضا.

 

والاهم من ذلك بالنسبة لعمّان انه و رغم تقدم النظام السوري في الجنوب و سيطرته على معبر نصيب الا ان فتحة مسالة ستطول ومن الممكن ان تمتد الى سنوات؛ اما العراق فرغم التعافي الناشئ عن اندحار تنظيم الدولة "داعش" الا ان الحركة التجارية والترانزيت القائمة على تفريغ الحمولات عند المعابر لتنقلها الشاحنات العراقية تعد مسالة معيقة لتطوير الحركة التجارية؛ يقابلها منافسة شرسة من معبر (عرر) بين السعودية والعراق الى جانب حالة متأزمة في الساحة العراقية لا يعلم الى اين ستقود البلاد.

 

في ضوء هذه الحقائق والمؤشرات فإن قطر والاردن قادرتان على بناء علاقة مستقرة تتجاوز الهواجس في ظل انعدام البدائل وتأكل تأثير الاطراف الاقليمية السياسي والاقتصادي؛ فما ستقدمه قطر للأردن يمتاز بالنفاذ المجتمعي والاقتصادي؛ فعشرة الاف وظيفة تعني تحويلات مالية كبيرة تنعش الاقتصاد والحركة التجارية بما فيها العقارية ( شراء اراضي وشقق من قبل المغتربين)؛ فضلا عن تخفيف حدة الازمات الاجتماعية المتفاعلة على وقع الازمة الاقتصادية؛ ابرزها البطالة والعزوف عن الزواج وانتشار الفقر؛ اذ يعول على المغتربين الكثير في المساهمة في علاج هذه الازمات وتقديم الدعم و الاسناد الاجتماعي الذي بدورة سيحرك الاسواق.

المسارعة الى تطوير العلاقة بين الدوحة وعمّان؛ له انعكاسات مباشرة على المجتمع الاردني و لا تعيقها التداعيات الاقليمية المتوقعة؛  فالوظائف العشرة الالف تعد اهم بكثير من المنح اذ تمس الشرائح الاجتماعية كافة كما انها قادرة على توليد عدد مماثل من الوظائف في الاردن؛ بل وقادرة على تحسين فرص العمل في قطر وجذب المزيد من العمالة الاردنية خصوصا وان قطر تعيش حالة تنموية متوسعة ستزداد تسارعا مع اقتراب مونديال كرة القدم؛ فرفع مستويات التمثيل والانفتاح الشامل مسالة مهمة بالنسبة للأردنيين لتنشيط العلاقة بين البلدين والمجتمعين؛ وتعظيم المكاسب والمنافع الاقتصادية والسياسية وتوجيه رسائل للإقليم بخصوصية هذه العلاقة وحيويتها.

 

ختاما اصبح معلوما ان التأخر في رفع مستويات التمثيل بفعل الهواجس والمخاوف الناجمة عن التداعيات الاقليمية والقوى المتوجسة من تطوير العلاقة بين الدوحة وعمّان يعد خسارة صافية للبلدين وبدون مردود يذكر؛ فالهواجس السياسية والاقليمية لم تعد ذات بال ويمكن للدول المتصارعة مع قطر والمنافسة لها ان تحصر صراعها و معركتها في محكمة العدل الدولية في لاهاي او في منظمة الطيران المدني الدولي في كندا (إيكاو - ICAO)؛  لتتحرر المنطقة من تداعيات ازمة لم تحقق الا خسائر صافية في العالم العربي تفوق النصف ترليون دولار.

0
التعليقات (0)