قضايا وآراء

لا تُمَثّل

هشام عبد الحميد
1300x600
1300x600
لا تُمثَل لكي تُمثَل.. المقولة الشهيرة لرائد علم التمثيل قسطنطين ستسلافسكي، وهي المدخل الذهبي لعلم التمثيل. فمذهب ستسلافسكي يضع حدا لمبالغات التمثيل، سواء في الصوت والحركة والإيماءة واللفتة والإشارة. وقد جنح أكثر إلى الطبيعية في الأداء. ولكي تصل إلى درجة الطبيعية، لا بد أن تكون صادقا في تقمص الشخصية، أي لا تكذب على الجمهور. مُتَصنَعا - على سبيل المثال - حالة من الحزن أو الفرح أو الغضب.

لا بد أن تصدق لكي تكذب، ولكن لا تكذب لكي تُصَدَق.

لقد التقط هذا المنهج وعمل على تطويره ستوديو الأسلوب، أو ما اصطُلح على تسميته أستوديو الممثل، في أمريكا بقيادة لي ستراسبيرغ وإليا كازان، بعد أن قدمته لهما ستيلا إدلير، أستاذة وراعية مارلون براندو.

ودون الدخول في شروحات كثيرة في مدارس ومناهج التمثيل المختلفة، السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المضمار: تُرى هل تمت الاستفادة من هذه المناهج في فن التمثيل بعالمنا العربي؟ والإجابة للآسف: لا. فنظرة سريعة إلى مستوى الأداء في المسلسلات والأفلام أو المسرحيات؛ تجعلنا نُدرك - حسب رأيي - كم التدهور الكبير والسريع في طريقة الأداء. هناك تسطيح هائل لمفهوم التناول الأدائي - باستثناء حالات نادرة - حيث يغلب على الأداء: البحلقة والصراخ والتشويح والبكاء.

ابتعد التمثيل عن الصدق، فأصبح الكل يكذب، ويكذب.

تُرى هل انتصر القبح على الجمال؟ 

هل انتصرت العشوائية على العلم؟

هل نحن في عصر الكذب بكل مفرداته بوقاحة متناهية؟

كذب يحطم أرواحنا وأفكارنا وإرادتنا.

إذا كنت تكذب لكي يُصدقك الآخرون، فستفشل حتما، ولكن إن كنت صادقا لكي تكذب فستنجح لا محالة.

هذه قاعدة لا تُمثَل لكي تُمثَل.
التعليقات (0)