اقتصاد عربي

هل أصبح الاستثمار العقاري في مصر غير آمن؟

وزير مصري سابق: "لا تشتر عقارات مبالغ جدا في أسعارها حتى لو بالتقسيط على آجال طويلة"- جيتي
وزير مصري سابق: "لا تشتر عقارات مبالغ جدا في أسعارها حتى لو بالتقسيط على آجال طويلة"- جيتي

تصاعد الحديث في مصر، خلال الأسابيع الماضية، عن مخاوف من احتمالات حدوث فقاعة عقارية تهدد بانخفاض كبير ومفاجئ في أسعار الوحدات السكنية، على خلفية الزيادات الكبيرة والمتتالية التي تشهدها أسعار العقارات على مدار العامين الماضيين.


وكشفت الصحفية المصرية، منال لاشين، عن تحذير لمحافظ البنك المركزي المصري طارق عامر خلال اجتماع غير معلن، الأسبوع الماضي، مع مديري إدارات المخاطر في البنوك المصرية، من مخاوف حدوث فقاعة عقارية.


وقال عامر، بحسب الصحفية المصرية: "خلو بالكو كويس من قروض العقارات الآن، احنا مش عايزين فقاعة عقارية تؤثر على البنوك ومراكزها وقوتها".


تحذيرات عامر، فسرها بعض المصرفيين بأنها دعوة ضمنية لوقف تمويل المطورين العقاريين، في حين اعتبرها البعض مجرد نصيحة، وهو ما دفع نائب محافظ البنك المركزى جمال نجم، إلى نفي ما تردد عن إصدار تعليمات للبنوك العاملة في السوق المحلية المصرية، بوقف تمويل المطورين العقاريين، لافتا إلى أن "حجم القروض العقارية لا يتعدى 2% فقط من محفظة قروض القطاع المصرفي".


وذكر تقرير صادر عن البنك المركزى، في يونيو/ حزيران المنصرم، أن إجمالي أرصدة القروض المقدمة لعملاء البنوك بخلاف البنك المركزى قد ارتفع ليصل إلى 1.503 تريليون جنيه فى شهر فبراير الماضى.


وكانت مصادر مصرفية أكدت أن بنوكا حكومية أصدرت تعليمات شفهية لإدارات الائتمان بالتحفظ فى تمويل المشروعات السكنية، خشية حدوث فقاعة عقارية ناتجة عن الإرتفاع فى الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمشترين، وفقا لصحيفة الشروق المصرية.

 

اقرأ أيضا: اقتصاديون يتهمون الحكومة المصرية بـ"إشعال" أسعار الأراضي

ارتفاع الأسعار


ورفعت الشركات العقارية أسعار البيع لوحداتها السكنية بنسبة تجاوزت 45% لدى بعض الشركات منذ نوفمبر 2016 وحتى الآن، الأمر الذى أدى إلى قفزة فى أسعار العقارات مع استمرار الإقبال على العقار كاستثمار آمن للحفاظ على المدخرات التى تآكلت فى أعقاب تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه".


وقال خبراء اقتصاد لـ "عربي21"، إن أحد أبرز أسباب الفقاعة العقارية هو تساهل البنوك في الشروط الائتمانية لمنح القروض العقارية (سواء للإنشاء أو للشراء)، موضحين أن "هذا الأمر يؤدي إلى زيادة معدلات العرض والطلب في السوق العقاري، فتزداد الأسعار، وتنشط المضاربات بشكل كبير، وعند مستوى معين من الأسعار يعجز المواطنين عن الشراء، ويتوقف الطلب ويستمر العرض في الزيادة، فيعقبه انخفاض مفاجئ للأسعار وتنفجر الفقاعة".


وأضافوا: "انفجار الفقاعة العقارية يؤثر بشكل كبير على القطاع المصرفي، نتيجة الخسائر الفادحة للمطورين العقاريين وتعثرهم عن سداد القروض"، مؤكدين أن هذه الأزمة عند حدوثها لا تقتصر فقط على البنوك أو القطاع العقاري فقط بل تمتد لمعظم القطاعات الاقتصادية.

 

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى وجود نحو 12.5 مليون وحدة سكنية مغلقة في مصر بلا سكان، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء عن تعداد سكان مصر2017.


وأوضح مركز الإحصاء المصري أن إجمالي الوحدات السكنية الخالية يشكل نسبة 29.1% من إجمالي عدد الوحدات في مصر.

 

اقرأ أيضا: بعد ارتفاع الأسعار.. هل تقترب دول الخليج من فقاعة عقارية؟

 

أزمة سكن


وحول المخاوف المتصاعدة في مصر من حدوث فقاعة عقارية، استبعد الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، تعرض سوق العقارات في مصر إلى أي فقاعات عقارية، قائلا: "هذا الأمر مستبعدا جدا حدوثه في مصر".


وقال في تصريحات لـ"عربي21": "مهما بلغت قيمة وكمية المعروض من العقارات في مصر فلا يمكن أن تصل إلى مستوى حدوث الفقاعة، خاصة وأن المساحة المستغلة في مصر صغيرة جدا مقارنة بالمساحة الإجمالية للبلاد".


وأضاف: "أضف إلى ذلك أنه حتى الآن لا تزال توجد أزمة سكن في مصر، ولا تزال نسبة كبيرة من المواطنين يسكنون في العشوائيات والمقابر"، مستطردا: "أما إذا كان الحديث عن زيادة المعروض العقاري من المساكن الفاخرة فغالبية هذه المساكن بنيت من أجل الاستثمار وليست من أجل السكن، كما هو الحال في مناطق مثل مدن الساحل الشمالي وشرم الشيخ ومطروح الجديدة والعلمين الجديدة، وينطبق الحال على العقارات الموجود بالعاصمة الإدارية الجديدة وبعض التجمعات السكنية الجديدة". 


وأشار عبد المطلب إلى أن أزمة الرهن العقاري في أمريكا وتايلاند وغيرها من الدول التي تعرضت لتلك الأزمة، يكون فيها الاستثمار العقاري موجها للسوق المحلي، بينما في مصر الاستثمار العقاري يستهدف الطبقة الغنية من المصريين، وشرائح أصحاب المال والمستثمرين العرب والأجانب".


وأكد الخبير الاقتصادي أن الاستثمار العقاري لا يزال آمنا وجذابا، لافتا إلى أن "العقارات هي أحد الخبرات الكبيرة للمصريين، بمعنى أن أي مصري يريد أن يستثمر أمواله بشكل آمن تكون العقارات رقم واحد في قائمة المشاريع التي يفضلها، ثم يعقبها المشروعات الزراعية والحيوانية سواء زراعة الأراضي أوتربية المواشي والدواجن".


وأوضح أن "مشكلة التجارة في العقارات أنها لم تعد مربحة كما كان في السابق، نظرا لتراجع القوة الشرائية المصرية، خاصة بعد تعويم الجنيه"، مؤكدا أن المتضرر من ارتفاع أسعار العقارات في مصر هي الإتجار في العقارات وليس الاستثمار في العقارات.

 

اقرأ أيضا: ارتفاع أسعار الحديد يفاقم أوضاع قطاع العقارات بمصر

نصيحة


ومن ناحيته، نصح وزير الصناعة والتجارة الأسبق حاتم صالح، في تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتمايع "فيسبوك"، المصريين "بعدم التورط في شراء عقارات مبالغ جدا في أسعارها، حتى لو بالتقسيط على آجال طويلة"، مشيرا إلى أن "التقسيط عادة ما يزيد من المبالغة في سعر العقارات وليس أفضل استثمار للأموال".


وأضاف: "لا أنصح بشراء عقار في مثل هذه الظروف إلا لو كان العقار منتجا ( يمكن تأجيره أو الاستفادة منه في تجارة أو صناعة مثلا) وسعره يقل بنسبة معقولة عن سعر السوق السائد ( 20 - 30‏% مثلا)".


وتابع موجها حديثه للمصريين: "يجب أن تعلم أن مثل هذه الظروف ربما تشهد حالات من الركود العقاري فلا يجب أن يكون لديك احتياج عاجل للسيولة متى اخترت هذا الاختيار".

 

 

التعليقات (0)