كتاب عربي 21

حرب النفط: الدوافع والنتائج

السنوسي بسيكري
1300x600
1300x600

هو الهجوم الرابع على موانئ وحقول النفط وبالقطع لن يكون الأخير إذا استمر الحال على ما هو عليه، والمقصود من الحال على ما هو عليه استمرار الانقسام وهيمنة الأجندات الخاصة وتقويضها التوافق على مشروع وطني حقيقي.


بالرغم من تكشف نوايا وممارسات إبراهيم الجظران حول فترة سيطرته على موانئ النفط، وتجلي حقيقة أن مشروعه لا علاقة له بالوطن وإنما يدور حول مصلحة شخصية جعلته متطلع للتحالف مع كل من يقبل لتحقيقها بصرف النظر عن موقفه وتوجهاته.


فقد كان المشروع الجظران "برقاويا" واتجه إلى مقاربة جهوية متطرفة بتأسيسه جسما سياسيا جهويا بل حكومة أريد لها أن تدير شؤون "برقة".


ودخل في حرب ضد قوة تابعة للمؤتمر الوطني، الذي يمثل رئيسه في ذلك الوقت القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووظف العامل الجهوي للتصدي لها.


دعم عملية الكرامة والتقى بعرابها خلال الأشهر الأولى من إطلاقها وأظهر كل منهما تعاطفا على أساس التحييد ومنع الصدام.


لكنه سرعان ما تحول عن توجهاته الجهوية ليصبح الغرب الليبي سندا ودعما فصارت عملياته العسكرية تنطلق من هناك.


سعى للاستعانة بمكونات عسكرية تنتسب إلى مناطق وقبائل الغرب بعد أن كانوا جزءا من منظومة تستغل ثروات برقة وتقتات على خيراتها.


توقفت حملته ضد الإسلاميين بحجة سرقة النفط وتحولت عداوته المعلنة زمن سيطرته على الموانئ منذ العام 2013 إلى حلف حيث تقارب مع بعض المجاميع الإسلامية حرصا على نيل دعمهم في مشروعه للعودة للسيطرة على الموانئ.


وحسب رواية البعض من أن بعض بقايا النظام السابق كانوا خلف فك أسر الجظران واحتضانه وتوفير ملاذ آمن له للتحرك وحشد الأنصار المقاتلين، فإن هذا تحول آخر تحركه المصالح الخاصة، فالمعروف أنه من أنصار فبراير وظل دوره فيها محل فخر بالنسبة له.


والأهم من ذلك كله سعيه لتوظيف "مظلومية" المغاربة للتعبئة لحملته العسكرية لاستعادة "مجده" المسلوب، ونجح في ضم عدد غير قليل من أبناء قبيلته ممن وقع عليهم الظلم على أيدي قوات حفتر من الليبيين والأجانب خلال العام 2016-2018.


لقد حرص الجظران على اللعب على مقاربة الحقوق للتعبئة وحشد الأنصار القبليين، فقبيلة المغاربة هي الأكبر في منطقة الموانئ النفطية، ولأنه في زمن ضعف الدولة وعجز مؤسساتها يصير الحكم والسلطة والنفوذ في المواقع الحيوية للقبيلة المجاورة أو المنطقة التي يقع فيها المرفق الحيوي ويشمل ذلك المطارات والموانئ والمؤسسات العامة الكبيرة التي تضمن مصانع وغيرها ومنها موانئ وحقول النفط، فقد صار لخطابه أثر في محيط القبيلة.


ويمثل العاملان الأخيران أكبر الدوافع لعودة الجظران إلى المشهد وإصراره على السيطرة على المنطقة، وسيظل أثر العاملين فعالا إذا ظل الحال على ما هو عليه من غياب للشرعية الصحيحة وغلبة المشاريع والأجندات الخاصة القائمة على تقوية السلطة وتعزيز النفوذ.


بالنسبة لخليفة حفتر، فإنه لا يمكن أن يكون له ما يريد من غاية الوصول إلى كرسي الحكم دون أن يكون له سلطة وهيمنة على رقعة جغرافية واسعة يكون من ضمنها منطقة الهلال النفطي، ولهذا فإن الاستحواذ على موانئ وحقول النفط مسألة مصيرية ولم ولن يتردد في فعل ما يتاح دون قيد أو شرط للسيطرة عليها.


يظل هناك عامل مهم في إلهاب هذه المنطقة وجعلها منطقة حروب متكررة وهو العامل الخارجي، وفي ظني فإن العامل الخارجي هو الحاسم في هذا الملف، إذ لا يمكن أن يتطلع حفتر للهيمنة على الهلال النفطي وهو لا يملك الدعم اللازم، ولم يفلح في إعادة السيطرة عليها دون الدعم الخارجي.


بالمقابل فإن تحرك الجظران المتكرر لا يمكن أن يكون بدون علم وربما توجيه بعض الأطراف الدولية سواء أكان توجيها مباشرا أو عبر الإيحاء وبالسكوت عن العملية العسكرية.


وهنا المخطر وهنا التحدي الحقيقي، إذ أن الصراع المعلن والخفي بين الأطراف الدولية والإقليمية لا يأبه كثيرا بمصالح الليبيين ويتوفر بسخاء عندما يوجد من يتماهى مع مطامع الأطراف الخارجية.


تبقى هناك مسألة أخيرة وهي الشرخ الذي أصاب قبيلة المغاربة في الصميم، ولاحظ معي أن الجظران نجح في توظيف الظلم الواقع على شريحة ليست بالقليلة من القبيلة سواء في المواجهات المباشرة خاصة على أيدي مرتزقة في الحرب الأولى العام 2016، أو من خلال حملات الاعتقال والتعذيب المستمرة.


بالمقابل فإن حفتر سعى لأن يكون اقتحامه وفرض هيمنته على المنطقة من خلال تأييد بعض زعامات القبيلة وكثير من أبنائها من عسكريين ومدنيين، وهو سيناريو وقع في بنغازي داخل قبيلة العواقير ووقع في درنة بين أبناء قبيلة العبيدات، ويتكرر الآن في قبيلة المغاربة، وهذه قضية سيكون لها تأثير كبير على تلك القبائل وعلى الإقليم بشكل عام لا محالة.

0
التعليقات (0)

خبر عاجل