كتاب عربي 21

السيسي وأصول الحكم!

سليم عزوز
1300x600
1300x600

لماذا أقال قائد الانقلاب العسكري في مصر الفريق "صدقي صبحي" من منصب وزير الدفاع؟!
الإجابة على السؤال بسؤال: ولماذا يُبقي عليه؟!

السؤال الأهم ليس في أسباب إقدام السيسي على عزل "صبحي" وهو "لا يهش ولا ينش" ولا يخيف؟ ولكن في السبب وراء اختياره الفريق محمد زكي للمنصب، وهو قائد الحرس الجمهوري في عهد الرئيس محمد مرسي؟!

لا ينكر أحد أن قرار عزل "صدقي صبحي" كان مفاجأة، لأن المستقر عليه أن الدستور حصن موقعه لثماني سنوات، وحتى سنة 2022، وكان يبدو أن السيسي متبرم من وجوده، رغم أنه كان يبالغ في نفاقه، وكان موقف السيسي منه يظهر على قسمات وجهه وعندما ينظر إليه، فلا يكون رد فعل الوزير إلا المزيد من التزلف والانكماش، حتى أوشك من إدمانه لهذه الحالة (الانكماش) أن يتلاشى، فلا يلفت الانتباه إليه إذا حضر ولا يُفتقد إذا غاب!

المادة (234) من الدستور نصت على "يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتسرى أحكام هذه المادة لدورتين رئاسيتين كاملتين اعتباراً من تاريخ العمل بالدستور". ولم يكن أحد يجادل في أن هذه المادة حصنت موقع وزير الدفاع لفترة انتقالية، بعدها تعود المياه إلى مجاريها، بيد أن أحد المحامين، وعلى طريقة لفت الانتباه السريع بادر بعد قرارات السيسي بالقول إن هذه المادة لا تحصن موقع الوزير ومن هنا فقرار السيسي صحيح، وقد نقل عنه كثيرون، بطريقة الـ "كوبي بيست"، وربما دون أن يدركوا متى ينتهي النص الدستوري ليبدأ اجتهاد المحامي، الذي لم يسبق له أن أعلن شيئاً من هذا من قبل، مع الحديث المتكرر عن هذا التحصين!

النص الدستوري كما هو واضح، يجعل من منصب وزير الدفاع كيانا مستقلا، فتعينه يكون بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لدورتين رئاسيتين كاملتين، وإذا كان الدستور قد تم الاستفتاء عليه في وجود عبد الفتاح السيسي في منصب وزير الدفاع فلم يجر اختياره بإعادة تعيننه، وكان في وضع مختلف، فعندما صدر بيان الانقلاب بعزل الحكومة في يوم 3 يوليو استمر السيسي وزيراً للدفاع، مع أنه عضو في الحكومة ويسري عليه قرار إسقاطها!

وفي اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حصل فيه على الموافقة بخوص الانتخابات الرئاسية، وافق المجلس لصدقي صبحي بأن يكون وزيراً للدفاع، وعليه فقد عينه "المؤقت" عدلي منصور وزيراً للدفاع، وأقسم اليمين أمامه، ليصبح من الطبيعي أن يستمر لدورتين!

وإذا كان هناك من يرى أن الامتياز للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وليس لوزير الدفاع، فالمجلس هو من يوافق على التعيين لدورتين رئاسيتين وليس الامتياز لشخص الوزير الذي يبقى لدورتين فلنا هنا ملاحظتين:

الأولى مرتبطة بالشكل، فكل ما نشر عن هذه المادة من قبل لجنة الدستور أو في الإعلام كان يتحدث عن التحصين، وأن الحديث عن تعديل الدستور كان يعني تعديل مادتين الأولى خاصة بانتخاب رئيس الجمهورية وصلاحياته، والثانية خاصة بمادة التحصين، وكان واضحاً أنها صدرت لتحصين السيسي عندما كان المقرر في البداية أن يستمر وزيراً للدفاع.

أما الملاحظة الثانية، فإنه ومنذ تعيين صدقي صبحي وزيراً للدفاع، فإنه ليس طرفاً في التعديلات الحكومية، وفي الولاية الأولى للسيسي أسقط حكومة "حازم الببلاوي" واختار "إبراهيم محلب" ثم عزل "محلب" وعين "شريف إسماعيل"، ولم يكن وزير الدفاع جزءاً من تقديم الحكومة لاستقالتها أو تعيين حكومة جديدة، ولم يحدث أن تم إعادة توزيره كما الوزراء الباقين والذين لم يشملهم التعديل الوزاري.

ولم ينص القانون على طريقة عزل وزير الدفاع، فالشاهد أنه عندما كان المقرر داخل لجنة إعداد الدستور النص على أن يكون تعيين وزير الدفاع وعزله يتم بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أن الصحافة أثارت هذا الأمر بشكل يمثل إهانة للجنة التي تتطاول على مقام وزير الدفاع حد أنها تجرأت وتكلمت على عزله، وفهمت اللجنة سر الحملة الصحفية ومن ثم صدرت تصريحات تفيد أنها لم تناقش مسألة العزل فالنص مقصور على التعيين، فقد كان الجميع يدرك أن المستهدف بهذا النص هو السيسي ومن ثم فلا يجوز الحديث عن عزله ولو كان هذا العزل يتم من خلال المجلس الأعلى للقوات المسلحة فهو يعين، ليستمر لدورتين رئاسيتين كاملتين وفقط!

ومن هنا فإن الطريق لخلو المنصب لا يكون إلا بأمرين الأول هو استقالة الوزير، أو موته، حتى يتم اختيار الوزير الجديد بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة ما دام شغل الموقع يجري لدورتين رئاسيتين كاملتين اعتباراً من تاريخ العمل بالدستور ولاستكمال المدة الباقية!

وما دام "صدقي صبحي" لم يمت، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل استقال من منصبه!

لا يمكن القول أنه قد شمله تقديم الحكومة لاستقالتها، لأنه بنص المادة سالفة الذكر في الدستور هو كيان مستقل عن الحكومة في طريقة اختياره، ولهذا فلم يشمله تقديم استقالة الحكومة في السابق، وبالتالي لم يتم إعادة تعيينه، وهناك حكومتان كان هو عضواً فيها استقالتا (حكومة الببلاوي وحكومة إبراهيم محلب)

ولا يمكن القول أنه قدم استقالته لأي سبب من الأسباب، لأن هذا كان يستدعي اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة لقبول الاستقالة، واختيار بديل له، حتى يتسن صدور قرار رئاسي لاختياره، ولا يمكن للقاء المذاع الذي جمعه مع السيسي ووزير الدفاع الجديد أن يفهم منه أن هذه الإجراءات كلها قد تمت، لأنه لم يُعلن عن ذلك إلى الآن، وإن بدت الوجوه ضاحكة مستبشرة، فحقيقة الأمر أنه لقاء صورة وليس صوتاً، وإن كنت أدرك أن "صدقي صبحي" ولو طلب منه أن يعلن على الملأ انه استقال بمحض إرادته فسوف يفعل، لأنه يدرك أنه أضعف من مواجهة رئيس الدولة، أياً كان اسمه، ولأنه لا يملك القدرة على المقاومة، فماذا في يده أن يفعل؟.. هل يقود انقلاباً؟!

صحيح أنه ركن ركين في الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، لكن دوره كان لا يتعدى دور ساعي البريد، من السفارة الأمريكية وإلى السيسي، وقد تردد أن معلومات عن هذه الزيارات وصلت للرئيس مرسي فوضع الأمر أمام السيسي ربما لأنه لم يكن يعتقد في هذه اللحظة أنه ضالع في الانقلاب عليه!

وقدرة "صدقي صبحي" على الرفض تدور في حدود القدرة على المواجهة بالجيش، ومنذ مرحلة عبد الحكيم عامر، واختيار وزير الدفاع يخضع لفكرة عدم الشعبية، وربما كان آخر وزير دفاع نجح في أن يصنع شعبية داخل الجيش هو "عبد الحليم أبو عزالة" بسبب الامتيازات التي تمت في عهده ومع ذلك استطاع مبارك أن يطيح به، ويعينه مساعداً لرئيس الجمهورية، وهو منصب شرفي لا قيمة له، كالذي عين فيه السيسي وزيري الداخلية والدفاع المقالين، وبعد أكثر من عشر ساعات من صدور قرار الإقالة!

وقد ورث مبارك "أبو غزالة" من السادات، لكن بعد ذلك عمد على اختيار وزراء للدفاع لا يتمتعون بأي شعبية داخل الجيش، وكان آخرهم المشير "طنطاوي" والذي كان يحرص على تكريس كراهيته ليس داخل الجيش فقط بل قطع علاقته بدوائر القرابة، والنوبيون يذكرون ذلك بمرارة، ولهذا فعندما وصل الرئيس مرسي للحكم لم يجد هناك صعوبة في الإطاحة به وفي الإطاحة كذلك برئيس الأركان، فماذا في أيديهما أن يفعلا!

ولا شك أن حرص السيسي على هذه "اللمة" حيث وزيري الداخلية والدفاع السابقين والحاليين بالذات، إنما هي رسالة لمن يعنيهم الأمر بأن الإطاحة جرت بالتراضي، وحضور وزيري الداخلية في الحقيقة هو للتغطية على صورة وزيري الدفاع المعين والمقال، وكأنه اجتماع "الأسرة المصرية" فالتحصين هو لمنصب وزير الدفاع وليس لمنصب وزير الداخلية!

وبعيداً عن الاجتهادات الدستورية والعقيم منها، فإن التحصين تاريخياً لا يحمل حصانة في ذاته، وإنما في القدرة على الدفاع عنه، وعقب انقلاب سنة 1952، وجد جمال عبد الناصر نفسه أمام منصبين محصنين هو النائب العام وشيخ الأزهر ولأنه عقد النية على تغييرهما فقد كان الحل هو ممارسة الضغوط عليهما ليستقيلا.. وهو ما حدث فعلاً، فالرئيس يملك سلطة الفعل، حتى لو كان يواجه وزير الدفاع، فقيمة الوزير في موقعه وإذا أقيل فقد هذه القيمة في التو واللحظة!

وعندما سألت "لميس الحديدي" عبد الفتاح سؤالاً لافتا حول ماذا كان سيفعل لو أطاح به الرئيس محمد مرسي قبل إعلان قرارات 3 يوليو؟، نظر يمينا ويساراً، ثم إلى أعلى وإلى أسفل، وظهرت على فمه نصف ابتسامة حائرة، ولم يقل شيئاً وقد خيب أمالها العريضة ومعها صاحبها بالجنب "إبراهيم عيسي" فقد كانا ينتظران "المانشيت" بأن يعلن أنه لم يكن في استطاعته أن يفعل هذا، وأن الجيش كان سيتحرك، ليقصف القصر الرئاسي بالنابلم!

عندما استقالت الحكومة في عهد الرئيس السادات فيما سمي بأزمة مراكز القوى، اتصل الفريق محمد فوزي وزير الحربية (المستقيل حالاً) برئيس الأركان يطلب منه تحريك وحدات للجيش؟ وكان الرد: لم تعد لك صفة لتصدر الأوامر لقد استقلت!

فالحسم في معركة وزير الدفاع والقادة العسكريين هو في سرعة إصدار قرار الإقالة، ساعتها ينتهي أمرهم تماماً ويصبحوا مجرد مواطنين عاديين لا حول لهم ولا طول، إذا أمروا فلن يطاعوا بحكم قواعد الانضباط العسكري، وقد شاهدنا كيف صدر الحكم بإدانة وسجن رئيس أركان الجيش المصري في حرب أكتوبر المجيدة، ومن محكمة عسكرية، واستقبله السجن العسكري الذي نفذ قادته الأوامر بوضعه في زنزانة انفرادية تنفيذا لرغبة مبارك في التنكيل به!

وقد أدرك "أبو غزالة" ذلك بعد فترة من الأخذ والرد والرفض، فقد انتظر مبارك أن يتمكن اللواء "أمين نمر" من إقناعه بتقديم استقالته وجلس في حجرة مجاورة لهذه الحجرة بالقصر الجمهوري، ولم يكن أمام "نمر" لمواجهة رفضه الأمر إلا تهديده بأنه مكلف باعتقاله في حال إصراره على موقفه، فليس من المنطق أن يتركه بعد هذا يعود إلى مكتبه، عندئذ استقال "أبو غزالة" واستقبله مبارك للقسم على تولى منصب "مساعد رئيس الجمهورية" وهو منصب بلا قيمة دستورية أو واقعية!

ورغم هذا الدور الذي قام به "أمين نمر" لصالح مبارك، فقد كانت المكافأة بعزله من منصبه وتعيينه في منصب شرفي ملحقا بالسفارة المصرية في لندن، وبهذا يمكن أن نصل إلى إجابة للسؤال الذي طرحناه في البداية: لماذا أقال السيسي وزير دفاعه، مع كونه "منبطح" أمامه أكثر من اللازم؟!

من المهم أن نذكر أن السادات سبق له أن أعلن أن عبد الغني الجمسي هو وزير الحربية مدى الحياة، لكنه أطاح به بعد ذلك ، وبعد دوره في إخماد انتفاضة الخبز في يناير سنة 1977، وهناك رواية أن الجمسي عندما دخل على السادات في استراحته بأسوان كان الرئيس يستعد ليغادر للسودان ربما هروبا، وربما في هذه اللحظة ارتبك عندما وجد الوزير أمامه، قبل أن يخبره بأن الجيش نجح في فرض الاستقرار. وشكر السادات الجمسي قبل أن يعزله، وقد أنهى خدمة "الليثي ناصف" قائد الحرس الجمهوري بعد دوره في الانضباط العسكري والوقوف بجانب السادات في أزمة مراكز القوى وبما تفرضه عليه عقيدته العسكرية!

"أصول الحكم" أن الحاكم العربي لا يبقي على شريك له في السلطة، أو على من ساعده في الوصول إليها أو الاستمرار فيها، أو من يظن أنه صاحب أفضال على "مولانا ولي النعم"!

و"صدقي صبحي" هو شريك في الانقلاب، وليس مجرد وزير في بلاط عبد الفتاح السيسي، ثم أنه صاحب سابقة في التآمر، وهو ما يخيف أي حاكم جاء لموقعه بالخيانة، وهنا يطرح السؤال الثاني نفسه: لماذا عَين الفريق محمد زكي، وكان له دور في الانقلاب، فلم يكتف بالشهادة ضد محمد مرسي لكنه هو الذي سلمه لمختطفيه بصفته قائد الحرس الجمهوري، وما فعله يمثل إخلالا بمقتضيات الواجب الوظيفي، وسنأخذ بأضعف الإيمان ولن نستدعي القيم والتقاليد العسكرية!

ومن "أصول الحكم" هو ما فعله السيسي بعد الانقلاب عندما كافأ اللواء محمد زكي برتبة الفريق ثم أحاله للاستيداع أو التقاعد، لكن ما يخالف "أصول الحكم" هو تعيينه وزيراً للدفاع!

الحقيقة أنها الضرورة، فربما اعتقد السيسي أن إقالة سامي عنان قد لا تمر على خير، فاستعان بشخص يعرفه، وبينهما "سابقة أعمال"، ألا وأنه جرب الإقدام على هذه الخطوة رغم المحاذير الدستورية، فسوف يكون لهذا القرار ما بعده!
إنها طبيعة الأشياء!  
2
التعليقات (2)
مصري جدا
الإثنين، 18-06-2018 03:06 م
انها طبيعة الاشياء ،،، هذه خلاصة ما كتبت استاذ سليم عزوز ،،، فعلها ويفعلها وسيفعلها كل من حكم وكل من يحكم وكل من سيحكم ،،، انها طبيعة الحكم والصراع على السلطة التي يجهلها المشايخ والناس الطيبون ،،، تخلص من شركائك ،،، ثم تخلص من شبه الاقوياء ،،، اجمع حولك الاقزام لتبدوا عملاقا ،،، فعلها الملوك والامراء والاباطرة والقياصرة والخلفاء ،،، فعلها ويفعلها قيادات الاحزاب والجماعات الاسلامية سواء بسواء ،،، انه نمط الحكم لمن اراد ان يحكم الدنيا ،، اتحدث عن الغالب الاعم ،،، اما من اراد الله والاخرة فلا شأن له بالسلطة وعليه ان يركز في الدعوة والتربية والاخلاق والسلوك ،،،
هشام ميشلان .
الإثنين، 18-06-2018 02:17 ص
كم كان صادقا في نصائحه الدكتور حازم صلاح أبو اسماعيل ، بل كانت مواعظه التي كان يقدمها في التسعينات كفيلة بإجهاض الانقلاب ، و القضاء على الدولة العميقة ، لو تمت الاستفادة منها ، و بعد فوزالدكتور مرسي بالرئاسة لم يبخل عليه بنصائحه ، لكن لم يتم الاستماع له ، ربما لأسباب لا أعلمها ، لكن الثورات لا بد لها من محاكم ثورية ، و إجراء مصالحات وطنية و فتح صفحات جديدة ، كل ذلك لم يتم ، ارتكبت أخطاء فادحة كنا نراها نحن في الخارج ، لكننا كنا نقول : أهل مصر أدرى بشعابها ، لو كان الدكتور مرسي عمل بنصائح الدكتور حازم صلاح أبو اسماعيل لكانت مصر اليوم و بعد سبع سنوات قد قطعت شوطا كبيرا في الإصلاحات الدستورية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، و في العلاقات الإقليمية و الدولية ، و لربما كانت اليوم تنافس تركيا في تصنيع سلاحها و دواءها و غذاءها ، و ربما ما كانت السعودية لتدفع الجزية بالمليارات ، و لما كانت إسرائيل نكلت طوال هذه السنين بالفلسطينيين ، أخطاء حدثت حذر منها الدكتور حازم ، لماذا لم يسمع له ؟ هل نحن العرب كتب علينا أن نظل إما تحت الاحتلال أو تحت العسكر الانقلابييين !؟ أو تحت العملاء الخونة !؟ ، و اليوم الكل يقول : يا ليت لي كرة فأفعل ما لم أفعل ، كيف يعقل أن يصل حزب ذا توجه إسلامي لسدة الحكم و لا يعرف أنه مستهدف من الداخل و من الخارج ، ألم يكن الأجدر القيام بتغيير جذري في أصول اللعبة السياسية برمتها رغما عن أنف الغرب الذي كان يهدد بعدم السماح بذالك ، لكن المصريين كانوا سوف يكملون تضحياتهم ضد هذا الغرب الذي يحمي عملاءه بالحديد و النار ، و الشعب المصري لم تكن تنقصه الشجاعة و لا الخبرة و لا التنظيم لتلقين الغرب درسا معاصرا في الذود عن الأوطان ، فيمل هذا الغرب و يرضى بالأمر الواقع كما حدث مع تركيا ، لكن قدر الله و ما شاء فعل ، فالانقلابيون اليوم سوف لن يتركوا السلطة و لو انطبقت السماء على الأرض ، لأنهم يعلمون أن الشعب سيعلقهم في الميادين هذه المرة . إن تفاصيل تغيير وزير الدفاع و المحاذير الدستورية إنما هي تصفيات حسابات داخلية محدودة و متحكم بها ، فقائد الانقلاب لا يعمل من رأسه ، فهو أقل من ذلك ، بل هناك من يشير عليه ، أو يمليه الخطوات ، لأنه وضع هناك ليبقى ، و كلنا يعلم من وضعه ، و الإجراءات التي يقوم بتنفيذها بسرعة البرق كلنا يعلم أين تصب مصالحها ، لست هنا لأعلم المصريين فن السياسة ، و لكن أذكر فالذكرى تنفع المؤمنين ،المصريون هم من علمونا العلوم و الفنون و الآداب ، فماذا يجري اليوم !؟ لماذا هذا الصمت المطبق ، و البلد ذاهبة إلى الهاوية ، أليس فيكم رجل رشيد !؟.