صحافة دولية

فورين بوليسي: هل سيُخدع كيم مثل القذافي؟

فورين بوليسي: لن يخدع كيم مثل القذافي- جيتي
فورين بوليسي: لن يخدع كيم مثل القذافي- جيتي

نشر موقع "فورين بوليسي" مقالا للكاتب والزميل في معهد كاتو، دوغ باندو، يقول فيه إن مؤتمر القمة الأمريكي الكوري الشمالي دخل في حالة تشكك، فليس من المعلوم إن كان سيتم عقد المؤتمر أم لا، حيث تم تبادل الدعوات وقبولها، ثم إلغاؤها ثم قبولها، وتم نشر التغريدات وإرسال الرسائل.

 

ويقول الكاتب: "الآن يبدو أن هناك نية لعقد المؤتمر مرة أخرى، لكن يخشى العديد من المراقبين العودة إلى حالة المناطحة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون، كما حصل في الخريف الماضي، التي جعلت من وقوع الحرب احتمالا حقيقيا". 

 

ويجد باندو في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أنه "إن حصل ذلك، فإن اللوم سيقع في الغالب على إدارة ترامب، فإن اللغة الخطيرة الصادرة عن البيت الأبيض -خاصة الكلام الدائر عن (نموذج ليبيا) للمفاوضات- تركت الكوريين الشماليين غاضبين، وبالنسبة لبيونغ يانغ، فإن تلك اللغة هي تهديد ضمني, وهذا مؤشر على أنه لا يمكن الثقة في أمريكا".

 

ويفيد الكاتب بأنه "حدث ما يكفي لتبرير اللقاء، فقامت كوريا الشمالية بتدمير موقع التجارب النووية تحت الأرض، وأطلقت سراح السجناء الأمريكيين، وقامت بعقد اجتماعي قمة مع رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن، ودعت مدير وكالة الاستخبارات المركزية حينها ووزير الخارجية الآن، مايك بومبيو، إلى بيونغ يانغ".

 

ويشير باندو إلى أن "الكوريين الشماليين لا يريدون أن تفشل القمة، فبالنسبة لبيونغ يانغ فإنه سيكون من السهل نسبيا تأكيد الهدف من نزع السلاح النووي، وتحديد بعض المطالب، وتفصيل عملية المتابعة الدبلوماسية لمناقشة التخلص من الترسانة النووية، ولا يستطيع أحد التكهن في مدى سرعة الإجراءات التي ستقوم بها الحكومتان، ومع ذلك فإن مثل هذه النتيجة تستحق بذل الجهد، وفي الوقت ذاته التخفيف من التوتر، وتقييد التصرفات المهددة الصادرة عن كوريا الشمالية، والأهم من ذلك، خلق فرصة لإصلاحات تطبق على مراحل".

 

ويستدرك الكاتب بأن "أكبر العقبات كان الحديث عن ليبيا، واشتكى مسؤولو الإدارة حول الكلام الغاضب الذي صدر عن كوريا الشمالية، وعدم حضور لقاء تحضيري في سنغافورة، لكن هذه جاءت بعد إشارة الإدارة إلى النموذج الليبي، ودعم ذلك تهديد بعمل عسكري إن لم تقبل كوريا الشمالية بالمطالب الأمريكية، وحتى أن بومبيو لام مستشار الأمن القومي جون بولتون، لهذا الفشل الذريع".  

 

ويورد باندو أن بولتون يقول بشكل علني إن عملية نزع السلاح النووي الكوري الشمالي يجب أن تطبق النموذج الليبي عام 2003، وهي باختصار حزم الأسلحة النووية في كوريا الشمالية، وإرسالها إلى أمريكا.

 

ويبين الكاتب أنه مع أن الرئيس الأمريكي حاول التقليل من شأن تعليقات بولتون، إلا أن الأمر انتهى به بالتهديد بالحرب وتغيير النظام، وقال ترامب: "إذا نظرنا إلى نموذج القذافي، كان ذلك إتلافا كاملا، ذهبنا إلى هناك لهزيمته.. وهذا النموذج سيطبق إن لم نتوصل إلى صفقة، غالبا" مع كيم، وأعلن نائب الرئيس شيئا مشابها عندما قال إن كوريا الشمالية "قد تنتهي مثل النموذج الليبي إن لم يتوصل كيم جونغ أون إلى صفقة".

 

ويعتقد باندو أن "مثال ليبيا ليس موفقا؛ لأن ترسانة كوريا الشمالية أكثر تعقيدا، بما في ذلك قنابل نووية كاملة، وكمية كبيرة من الصواريخ والأسلحة الكيماوية والبيولوجية، بالإضافة إلى أن ليبيا لم يكن لديها هدف مهم مثل سيول في مرمى صواريخها". 

 

ويذهب الكاتب إلى أن "استخدام مثال ليبيا كارثة خطابية -وربما تكون متعمدة من بولتون ونائب الرئيس مايك بنس- فالنموذج الليبي يبقى حاضرا في العقل الكوري الشمالي، وعندما زرت بيونغ يانغ في حزيران/ يونيو الماضي قيل لي إن تجربة ليبيا أثبتت ضرورة توفر الأسلحة النووية، وهو ما كرره الكوريون الشماليون لأكثر من زائر، وتحدت المسؤولون عن القضاء على (السياسة المعادية) و(التهديدات العسكرية) و(التهديدات النووية) الصادرة عن أمريكا ضد كوريا الشمالية، لكن التجربة الليبية تعني أن التطمينات الشفوية والمكتوبة لن تقنع كوريا الشمالية بأن تتخلى على أسلحتها".

 

ويلفت باندو إلى أن "الكوريين الشماليين يدركون تماما بأن التاريخ لم يتوقف عندما تنازل الزعيم الليبي معمر القذافي عن أهم أسلحته، فكان الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، قد أعلن في 2003، بأنه (ستتم مكافئة مصداقية ليبيا)، لكن ولثماني سنوات فإن كل ما فعلته أمريكا وأوروبا هو بيع القذافي معسول الكلام، وفي إحدى تلك المرات قام السيناتورات جون ماكين وسوزان كولينز ولندسي غراهام وجو ليبرمان بتناول العشاء مع القذافي في طرابلس، وناقشوا معه احتمال تقديم المساعدات له بسبب معارضته تنظيم القاعدة". 

 

ويستدرك الكاتب بأنه "بعد ذلك قامت ثورة في عام 2011، واستغل الغرب الفرصة؛ بحجة التدخل الإنساني لشن حملة تغيير نظام بتكلفة أقل، ومات رجل ليبيا القوي ميتة بشعة، وكانت بيونغ يانغ ترقب ذلك، حيث قالت وكالة الأنباء في كوريا الشمالية: (لقد تبين أن تفكيك المنظومة النووية الليبية التي سوقت لها أمريكا كثيرا في الماضي ليست إلا أسلوب عدوان آخر، حيث قامت أمريكا بإقناع ليبيا بمعسول الكلام مثل (ضمان الأمن) و(تحسين العلاقات) للتخلي عن سلاحها ثم أخذتها بالقوة)، أو كما قالها عضو إدارة جورج بوش ويليام توبي، ببساطة أكبر: (لقد تم جرفهم)".

 

ويقول باندو: "واضح أن الكوريين الشماليين توصلوا إلى استنتاجاتهم الخاصة بهم، وكان مدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس قد أوضح العام الماضي أن كيم (راقب، على ما أظن، ما يدور حول العالم بالنسبة للدول التي تملك أسلحة نووية والأوراق التي تملكها)، أما بالنسبة لليبيا فقال كوتس إن الدرس ببساطة: (إن كانت لديك أسلحة نووية فلا تتخلى عنها أبدا، وإن لم تكن لديك فاحصل عليها)".

 

ويوضح الكاتب أنه "مع أن (وول ستريت جورنال) حاولت تبرئة بولتون بالتوضيح بأنه كان يتحدث عن ليبيا في 2003، وليس عن ليبيا في 2011، فإن التجربتين الليبيتين لا تنفصلان بالنسبة للكوريين الشماليين، فبتخليه عن أسلحته وصواريخه فإن القذافي دعا أمريكا لاستغلال ضعفه، وحتى لو لم تكن تلك خطة أمريكا من البداية، فلم تتردد أمريكا بالإطاحة بشريكها الجديد، وفي الواقع فإن بولتون، الذي شارك في التفاوض مع القذافي، كان يدعو لقيام الجيش الأمريكي باستهداف القذافي". 

 

وينوه باندو إلى أن "النموذج الليبي ذكر كيم بمدى ضغفه عندما يتخلى عن أفضل أسلحته، واستعداد واشنطن للتصرف بناء على ذلك، وقال النائب الأول لوزير الخارجية لكوريا الشمالية كيم كيي غوان، إن من الواضح (أنها حركة مشكوك فيها لتفرض على دولتنا المحترمة مصير ليبيا أو العراق، اللذين انهارا بسبب إذعان كامل بلادهما للقوى الكبيرة)".

 

ويرى الكاتب أن "الحديث عن ليبيا هو التهديد الذي قصد من القوة النووية لبيونغ يانغ أن تردعه، ومع أن ترامب وبنس سعيا لتطبيق النموذج الليبي للمفاوضات النووية مع كوريا الشمالية، إلا أن هذه السابقة لا يمكن فصلها عن استخدام القوة لاحقا ضد دولة نزع سلاحها، ولم تهدد أمريكا ولا أوروبا، بل تعاونت معهما، وبناء على هذا فليس هناك سبب لتخلي بيونغ يانغ عن أقوى رادع لديها".

 

ويختم باندو مقاله بالقول إن "الكارثة الدبلوماسية الأخرى التي سممت الأجواء، هي تراجع أمريكا عن الاتفاق النووي مع إيران، الذي تبعته مطالب أكثر صعوبة من طهران، والمفارقة هو أن إدارة أوباما كانت تأمل من الاتفاق النووي مع إيران أن تجذب بيونغ يانغ، فمثلا قالت وزيرة الدولة للشؤون الخارجية ويندي شيرمان في 2015 بأن الصفقة مع إيران (قد تجعل كوريا الشمالية تفكر ثانية في الطريق الخطير جدا الذي تسير فيه حاليا)".

التعليقات (0)