طب وصحة

دراسة حكومية تؤكد: ربع المصريين مصابون باضطرابات نفسية

 أكثر الاضطرابات انتشارا هي اضطرابات الاكتئاب بنسبة 43%- جيتي
أكثر الاضطرابات انتشارا هي اضطرابات الاكتئاب بنسبة 43%- جيتي
أكدت دراسة طبية حديثة أجرتها الحكومة المصرية تزايد انتشار الاضطرابات النفسية في البلاد خلال الفترة الأخيرة، مؤكدة أن "ربع المصريين تقريبا يعانون من مشكلات وأعراض نفسية، ويحتاجون إلى مساعدة طبية بدرجة أو بأخرى".

وحذرت رئيسة أمانة الصحة النفسية بوزارة الصحة، منى عبد المقصود، من خطورة تزايد الأمراض النفسية بين المصريين، مشيرة إلى أن مصر أصبحت من بين الدول المتقدمة في انتشار تلك الأمراض.

نسب مرتفعة

وأعدت الأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، مسحا عن الصحة النفسية في مصر خلال عام 2017، شمل كافة محافظات الجمهورية، وأعلنت تفاصيله يوم الأربعاء الماضي.

وكشفت الدراسة انتشار الاضطرابات النفسية في 25% من العينة، وأن أكثر الاضطرابات انتشارا هي اضطرابات الاكتئاب بنسبة 43%، واضطرابات تعاطي المخدرات بنسبة 30.1%، كما كشفت أن نسبة 7% من المصريين مصابون بأمراض نفسية، وأن نسبة 0.4% فقط من الأشخاص الذين يعانون من مرض نفسي هم الذين يتلقون علاجا لحالتهم.

وأظهر البحث أن انتشار الاضطرابات النفسية أكثر في المناطق الريفية عن المناطق الحضرية، وأن محافظة المنيا في صعيد مصر هي أكثر المحافظات التي تنتشر فيها الاضطرابات النفسية.

وكشفت الدراسة انتشار تعاطي المخدرات في المجتمع بنسبة 2%، كما أظهرت أن الأمراض النفسية تكون أكثر ظهورا في فئة العمال غير المهرة.

خطر على المجتمع

وتعليقا على هذه الدراسة، قالت أستاذة علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، الدكتورة سوسن الفايد، إن ربع المصريين تقريبا لديهم اضطرابات وأعراض نفسية؛ بسبب تعرضهم لضغوط كامنة خلال السنوات الماضية التي شهدت فترة انتقالية واضطرابات سياسية واقتصادية وأمنية، موضحة أن الاضطرابات النفسية لا ترقى لأن تكون أمراضا نفسية.

وأضافت الفايد، في تصريحات لـ "عربي21"، أن إصابة 7% من المصريين بأمراض نفسية حقيقية هو النسبة الأهم في البحث؛ لأن هؤلاء هم من يحتاجون إلى علاج نفسي حقيقي، وقد يمثلون خطرا على المجتمع، مؤكدة أن هذا المعدل يعد معقولا مقارنة مع المعدلات العالمية.

وأوضحت أن الاضطرابات النفسية بعضها جسيم، وقد يتطور إلى مرض نفسي، ويسبب إعاقة حقيقية عن العمل أو التعامل مع المجتمع، وهناك أنواع من الاضطرابات تسمى بالاضطرابات الداخلية التي تعود إلى أسباب اجتماعية أو بيولوجية أو وراثية.

وأشارت سوسن الفايد إلى أن الأمراض النفسية في كافة المجتمعات تتغير صعودا وهبوطا تبعا للتغيرات المجتمعية والسياسية والاقتصادية، مضيفة أنه إذا تحسنت الأوضاع الاقتصادية والأمنية في مصر، فإن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على الصحة النفسية للمواطنين.

غير مقلقة

من جانبه، رأى استشاري الطب النفسي بجامعة عين شمس، الدكتور جمال فرويز، أن تلك الدراسة غير مقلقة، مشيرا إلى أن نسبة انتشار المرض النفسي عالميا تتراوح بين 3% و 8%.

وأضاف فرويز، في تصريحات لـ"عربي21" أن ما سبب اللغط والجدل حول تلك الدراسة هو الخلط بين المرض النفسي والاضطراب النفسي، موضحا أن هناك فروقا عديدة بين المصطلحين.

وعن أسباب انتشار الأمراض النفسية في مصر في الفترة الأخيرة، قال فرويز إن هناك عدة عوامل، من بينها المخدرات، التي يؤدي تعاطيها إلى الإصابة ببعض الأمراض النفسية مثل الاعتمادية والاضطرابات المزاجية، بالإضافة إلى كثرة الضغوط الاقتصادية التي تؤثر على المجتمع بصورة سلبية.

وتابع: "تلعب وسائل التواصل الاجتماعي أيضا دورا في تزايد الأمراض النفسية؛ عن طريق نشر الأفكار السلبية، مثل الإحباط والسلبية والعنف والعنصرية داخل المجتمع، لافتا إلى أن التدهور الأخلاقي والتراجع الثقافي والتفكك الأسري والفهم الخاطئ للدين يزيد أيضا من الاضطرابات النفسية في المجتمع.

وعن كيفية مواجهة هذه الظاهرة، قال فرويز إن وسائل الإعلام والثقافة عليها دور كبير في نشر مفاهيم التعايش والتكيف مع الأوضاع الصعبة، بالإضافة إلى حث المواطنين على الشعور بالرضا والاكتفاء بالبدائل المتاحة.

وفي السياق ذاته، قال الطبيب النفسي، أحمد فتحي، إن المصابين بأمراض نفسية يمثلون خطرا على المجتمع، ويعيشون وسط الناس وكأنهم قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت.

وأوضح فتحي، في تصريحات لـ"عربي21"، أن هناك عدة عوامل تمنع آلاف المرضى النفسيين من تلقي العلاج المناسب في مصر، من بينها النظرة السلبية في المجتمع للمريض النفسي، الأمر الذي يجعل الكثير من المرضى يحجمون عن طلب العلاج؛ خوفا من اتهامهم بالجنون، مضيفا أن ارتفاع أسعار الأدوية الخاصة بعلاج الأمراض النفسية وقلة المستشفيات الحكومية تقلل من معدلات العلاج لتلك الأمراض".
التعليقات (0)