كتاب عربي 21

محور المقاومة ليس على قدر كلامه

عبد الستار قاسم
1300x600
1300x600

بداية أؤكد أنني من الناس الذين يدعمون المقاومة ويؤيدونها ويدافعون عنها بقوة، وأرى في قوى المقاومة وعلى رأسها حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية عوامل قوية في مواجهة أعداء الأمتين العربية والإسلامية. لكن هذا لا يعني عدم الإشارة إلى ما يثير القلق.

لا ينفك محور المقاومة الذي يعلن عن نفسه أنه مكون من سوريا وإيران وحزب الله عن الحديث عن قدراته العسكرية وعزمه على مواجهة الأعداء وعلى رأسهم الكيان الصهيوني وتحقيق الانتصارات.

 

هناك تأكيدات مستمرة من قبل المحور بأنه قادر على ردع الأعداء وإلحاق الهزائم بهم عندما يجد الجد وتندلع الحرب.

 

وأطرافه يقولون على الدوام بأن الأعداء لا يملكون الجرأة على الهجوم لأنهم غير واثقين من تحقيق الانتصارات.

 

ودائما يتوعد بعض أطراف هذا المحور بأن كل فلسطين المحتلة تحت مرمى الصواريخ، وكذلك المنشآت الحيوية العسكرية منها والمدنية.

لكن الواقع لا يبدو منسجما مع التصريحات العلنية والخطابات السياسية التي نسمعها، ذلك لأن الصهاينة والأمريكان ينفذون ضربات عسكرية صاروخية عبر البر والبحر والجو ضد أطراف المحور ونادرا ما يكون هناك رد يشفي صدور الذين يؤيدون المقاومة.

ومن الواضح أن الكلام الإنشائي الذي يصدر عن أطراف محور المقاومة يشجع الصهاينة والأمريكان على مزيد من الهجمات.

ويبدو أن الصهاينة لا يحسبون حسابا إلا لحزب الله ويتجنبون المسّ به داخل لبنان. حصل أن قام حزب الله برد على اعتداءات صهيونية ضده مثلما حصل بعد استشهاد سمير القنطار، وحصل أن أسقطت الدفاعات السورية طائرة صهيونية، لكن الردود العسكرية لم تكن أبدا بمستوى الهجمات الصهيونية ولا بعددها.

 

تمت مهاجمة قوافل عسكرية لحزب الله في سوريا، وفق البيانات الصهيونية التي لم يتوفر بيانات عربية مقابلها، ولم يقم الحزب بالرد، حتى أننا ما زلنا ننتظر ردا على اغتيال الشهيد عماد مغنية والشهيد اللقيس.

 

أما سوريا فتتعرض باستمرار لهجمات صاروخية صهيونية ومنذ سنوات طويلة وقلما يكون هناك رد. أما بالنسبة لإيران، قام الصهاينة باغتيال عدد من العلماء الفيزيائيين الإيرانيين داخل إيران، وكانت إيران تتهم الصهاينة في كل حالة اغتيال، لكن لم يكن هناك رد.

عدم رد النظام السوري على الاعتداءات الصهيونية عبر السنوات كان أحد المآخذ الرئيسية على النظام، والذي رسخ انطباعا لدى الناس بأن النظام يرتجف خوفا من الكيان الصهيوني، وكل حديثه ضد الصهاينة ليس إلا مجرد شعارات.

وقتل الصهاينة عميدا في الحرس الثوري الإيراني على تخوم الجولان المحتل عندما اغتالوا سمير القنطار ولم يحصل رد.

 

ومؤخرا قتل الصهاينة سبعة جنود إيرانيين في هجومهم على مطار التي فور ولم يحصل رد إيراني. المعنى أن الصهاينة والأمريكان يستبيحون الأجواء العربية ويستهدفون مواقع عربية وإيرانية حيوية ويكتفي العرب والإيرانيون بالقول بأنهم يملكون حق الرد في الوقت الذي يختارونه.

 

ومن الواضح أن الكلام الإنشائي الذي يصدر عن أطراف محور المقاومة يشجع الصهاينة والأمريكان على مزيد من الهجمات.

عدم رد النظام السوري على الاعتداءات الصهيونية عبر السنوات كان أحد المآخذ الرئيسية على النظام، والذي رسخ انطباعا لدى الناس بأن النظام يرتجف خوفا من الكيان الصهيوني، وكل حديثه ضد الصهاينة ليس إلا مجرد شعارات.

 

لقد أساء النظام السوري لنفسه كثيرا وهو يصدر بيانات المكان والزمان المناسبين. وقد ألب الجماهير ضد نفسه وصنع لنفسه سمعة سيئة.

ثأر النظام السوري لنفسه قليلا عندما أسقط مؤخرا طائرة صهيونية من طراز إف16، وتفاءل جمهور عربي غفير بأن يكون في ذلك ما يردع الصهاينة عن مهاجمة سوريا جوا في مستقبل الأيام.

 

لكن الصهاينة جددوا قصفهم الصاروخي لمطار التي فور بتاريخ 9 نيسان/أبريل 2018. قيل على لسان الروس إنه تم إسقاط خمسة صواريخ من أصل ثمانية. لكن هذا لا يكفي.

الجميع يدرك أن الصهاينة متفوقون عسكريا على سوريا، وأن كفاءة الطائرات الصهيونية أعلى، لكن عدم الرد أخطر بكثير من بطش الصهاينة.

 

عدم الرد يمهد الأرضية لمزيد من التطاول على سوريا ولمزيد من الهجمات. والرد مكلف من حيث أن الصهاينة سيهاجمون بقسوة. لكن أيهما أخطر على سوريا والعرب: الخسائر التي تقع جراء القصف الصهيوني أم شعور الأمة بالذل والضعة والهوان؟

القائد الحقيقي هو الذي يقود شعبه نحو العزة والفخار، ويبقيهم دائما أصحاب هامات مرفوعة عزيزة. والصهاينة يتصرفون حسب ما عودهم النظام. لو اعتاد النظام الرد لما تجرأ الكيان الصهيوني على الاستمرار في الهجمات، ولما شعر السوريون والعرب بالذل.

كان المفروض ألا يتأخر الرد على الاعتداءات الصهيونية أكثر من ساعة واحدة. بل كان المفروض أن تضرب الصواريخ السورية قواعد جوية صهيونية قبل أن تكون طائرات الصهاينة قد عادت إلى قواعدها.

وبسبب هذا الخنوع انتظرت سوريا القصف الأمريكي عقابا على ما يصفه الأمريكيون إنه هجمات كيميائية من قبل النظام على المدنيين. وبسبب ارتجاف النظام من القصف وعدم الرد، أخذت أمريكا تتسلى بتهديد سوريا كلما حصل عمل قد لا يكون من صنع الجيش السوري. من الوارد أن تختلق أمريكا الأحداث من أجل إطالة أمد الحرب في سوريا، وربما هي التي تزود المسلحين بأسلحة كيميائية بطريقة غير مباشرة.

 

لكنها لم تكن لتختلق الأحداث لو كانت تدرك أن سوريا لا يمكن إلا أن ترد وتهاجم مصالح أمريكية أو تصنع أزمة للأمريكيين مهما كلف الأمر.

قصف الأمريكيون سوريا بـ110 صواريخ، وكان الرد "بأننا انتصرنا." ليت أحدا يفسر لنا كيف انتصر المقصوف وهُزم القاصف. إنه ادعاء عربي تقليدي دأب على تحويل الهزائم والإحباطات إلى انتصارات.

ندرك جيدا أن سوريا ليست بقدرة الولايات المتحدة، لكن الصهاينة والأمريكيين ينفذون ضربات عسكرية إلى حافة عدم نشوب حرب.

 

اعملوا مثلما يعملون. إسقاط الصواريخ أو حرفها عن مسارها ليس ردا وإنما دفاع، الرد هو هجوم مقابل هجوم حتى يتعلم المعتدي ضبط نفسه وعدم التطاول.

 

وليكن في مؤخرة الرأس دائما أن عدم الرد يؤدي إلى إحباط جمهور المقاومة وتدمير معنويات الناس بمن فيهم المقاتلين، والإحراج أمام المناوئين للمقاومة والمؤيدين للصهاينة والأمريكيين.

3
التعليقات (3)
عبدالسلام معلا
السبت، 21-04-2018 06:31 ص
أنا أخطأت وأعتذر عن الخطأ الذي ارتكبته في التعليق السابق، لكن الموقع نشر المقال بالفعل باسم بشير نافع في وقت سابق، وبالتالي فالموقع أخطأ أولا، وكان سببا في ارتكابي للخطأ المشار إليه. ما يتعلق بالمقال: يمتاز البروفيسور عبدالستار قاسم بالعديد من المزايا الرائعة أهمها أن لديه مستوى عال جدا من التصالح مع الذات والانحياز لما يراه صوابا. ومن علامات ذلك أنه لا يجامل أحدا على حساب الحقيقة.
عبدالسلام معلا
الجمعة، 20-04-2018 08:36 م
هذا المقال لبشير نافع وقد تم نشره من قبل على نفس الموقع. مع الاحترام للدكتور وللبرفسور.
أيمن عصمان ليبيا
الجمعة، 20-04-2018 03:19 ص
هل يستطيع سيدي الكاتب فشار النعجة أن يفكر مجرد التفكير في مهاجمة احدى قواعد الأمريكان المنتشرة في سوريا ردا على الضربة المسرحية ؟! أم أنه أسد على الأطفال والنساء فقط ؟!!!! فلتذهب للجحيم أنت ومحور المقاولة والأمريكان والصهاينة

خبر عاجل