صحافة دولية

واشنطن بوست: كيف وثّق كوشنر علاقته مع ابن سلمان؟

واشنطن بوست: العلاقة بين ابن سلمان وكوشنر بدأت قبل عام في البيت الأبيض- جيتي
واشنطن بوست: العلاقة بين ابن سلمان وكوشنر بدأت قبل عام في البيت الأبيض- جيتي

خصصت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا عن الطريقة التي وطد من خلالها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، علاقته مع جارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس دونالد ترامب.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن العلاقة بدأت قبل عام، عندما قاما بتوثيق علاقتهما في مناسبة غداء في قاعة المآدب في البيت الأبيض، لافتا إلى أن كوشنر والأمير ابن سلمان تقابلا من قبل، لكن هذه هي المرة الأولى التي جلسا فيها معا بشكل رسمي منذ انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، حيث وطد هذا اللقاء العلاقة بينهما، بحسب أشخاص مطلعين على ملامح العلاقة. 

 

وتقول الصحيفة إن كوشنر، بصفنه مسؤولا عن ملف التسوية في الشرق الأوسط، والأمير السعودي، كانا يحاولان تأكيد أهميتهما على المسرح الدولي، وواصلا الاتصال مع بعضهما في الأشهر المقبلة، واستشارا بعضهما عبر المكالمات الهاتفية، واستطاع كوشنر النجاح في إقناع ترامب بأن يجعل السعودية أول محطة لزيارته الخارجية بعد انتخابه، رغم اعتراض عدد من مستشاريه البارزين، وفي الخريف الماضي زار كوشنر الرياض، والتقى مع محمد بن سلمان.

 

ويجد التقرير أن محاولة التقرب من السعودية كشفت عن نهج غير تقليدي للدبلوماسية -بشكل أثار قلق المسؤولين في الأمن القومي والاستخبارات- وهو الاعتماد على العلاقات الشخصية بدلا من اتباع المعايير والقنوات الحكومية لمعالجة المشكلات المعقدة.

 

وتذكر الصحيفة أن عددا من المسؤولين يخشون من أن صهر الرئيس كان مستقلا عن السياسة الخارجية في أكثر المناطق التهابا في العالم، بالإضافة إلى أن هناك حذرا واضحا بشأن علاقة كوشنر مع ابن سلمان، الذي حصل على ثناء في الغرب بشأن خطواته نحو التحديث، ونقدا بسبب اعتقاله المعارضين له والنقاد.

 

ويلفت التقرير إلى أن كوشنر رفض التعليق على تقرير الصحيفة، فيما وصف بعض الحلفاء والمساعدين له علاقته الشخصية مع ابن سلمان بأنها غير تقليدية، لكنها فعالة، وقالوا إنه أقام علاقة مع زعيم صاعد، ويعتقد أنه يساعد على تحقيق الاستقرار في المنطقة، حيث أن الاثنين حاولا فحص طرق جديدة، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي كان يتعامل فيه كوشنر في الماضي مع المسؤولين الأجانب بشكل حر، إلا أنه اليوم بات يقدم للمسؤولين الكبار تقارير عن اتصالاته. 

 

وتنقل الصحيفة عن المتحدث الرسمي باسم محامي كوشنر، بيتر ميريجانيان، قوله إن "غياب التسريبات بشأن عمل كوشنر، سواء عن عمل فريقه في الشرق الأوسط، أو العلاقات مع المكسيك، أو إصلاح السجون، دليل على أنه يهتم بالنتائج لا الدعاية، ويفهم كيفية الحفاظ على المعلومات مع الأشخاص في الإدارة الذين يجب أن يحتفظوا بها".

 

وأضاف بيتر ميريجانيان أن من يتم استبعادهم "أصبحوا على ما يبدو مصدرا للمعلومات الزائفة"، وقال إن كوشنر يلتزم بالبرتوكول الداخلي المطلوب، وأفعاله معروفة لمن يتصل معهم، ومنسقة، وتصل لمن يجب عليهم أن يعلموا بها.  

 

ويورد التقرير نقلا عن مسؤول سعودي، قوله إن الملك سلمان وابنه تحادثا مع ترامب وكوشنر، "بحسب ما تتطلبه الأحداث"، فيما يتصل السفير السعودي مع المسؤولين الأمريكيين والخارجية ومؤسسة الأمن القومي لمواصلة العلاقة القوية بين البلدين، وأضاف المسؤول في بيان مكتوب: "كلف الرئيس ترامب كوشنر بعمل مهم، وهو الإشراف على العملية السلمية، وهذا هو موضوع الحديث الرسمي بين كوشنر وسمو ولي العهد".

 

وتفيد الصحيفة بأنه كشف عن معرفة كوشنر بالسعودية عندما سأل مدير طاقم البيت الأبيض جون كيلي حول تقرير سياسة حساسة تتعلق بالسعودية، والتحضير لزيارة ولي العهد، وردا على ذلك وصل إليه تقرير أمني، جاء فيه أن المحادثات التي أجراها المسؤولون الأمريكيون مع السعوديين كلها جرت بين كوشنر والأمير محمد، بحسب أشخاص لهم معرفة بالقصة، مع أن متحدثا باسم كيلي رفض التعليق. 

 

وينقل التقرير عن مصادر مطلعة على نشاطات كوشنر وفريقه، قولها إنه يقوم بترتيب لقاءات وحوارات خاصة مع ولي العهد وغيره من القادة الأجانب في بلدان خارجية، التي عادة ما لا يتم تنسيقها مع مجلس الأمن ولا الدبلوماسيين، حيث أثارت اللقاءات وجها لوجه مخاوف مسؤولي الأمن القومي، خاصة أن كوشنر كان يعمل بناء على تصريح أمني مؤقت. 

 

وكشفت "واشنطن بوست" في شباط/ فبراير عن أن لقاءات كوشنر مع المسؤولين الأجانب كانت وراء عدم حصوله على تصريح أمني دائم، مشيرة إلى أنه بسبب كون كوشنر لا يزال محلا للتدقيق، فإن كيلي قرر حظره من الاطلاع على المواضيع الحساسة جدا. 

 

وينوه التقرير إلى أن وزير الخارجية المقال ريكس تيلرسون ومسؤول الأمن القومي أتش آر ماكماستر، عبرا عن قلقهما من طريقة إدارة كوشنر للدبلوماسية بطريقة غير تقليدية، وخوفهما من اتخاذه قرارات ساذجة. 

 

وتكشف الصحيفة عن أن المسؤولين لم يكونوا يعلمون عن كوشنر ومكالماته إلا بعد وقوعها، بدلا من اطلاعهم عليها مسبقا، وفي بعض الأحيان كان ماكماستر يعبر عن قلقه من غياب السجل الرسمي لما جرى في المكالمات، فيما كان تيلرسون أكثر حنقا، حيث عندما علق قائلا: "من هو وزير الخارجية هنا"، لافتة إلى أن وزارة الخارجية رفضت التعليق، فيما قال ماكماستر في بيان مكتوب إنه يثمن مساهمته، قائلا: "لدي وجارد علاقة عمل، وننسق بهدوء علاقاتنا مع القادة الأجانب"، وأضاف أن مساهمة كوشنر كانت مهمة لإيصال استراتيجية الرئيس إلى عدة مناطق حيوية. 

 

وينقل التقرير عن مسؤول "سي آي إيه" السابق ستيفن هول، قوله إن معظم مسؤولي الإدارة حاولوا دمج تجربة مؤسسة الأمن القومي وعمليات الاستخبارات أثناء التعامل مع القادة الأجانب، بخلاف طريقة عمل كوشنر القائمة على تجاوز التجربة الماضية، مشيرا إلى أن الخطر من عدم المشاركة في المعلومات مع مسؤولي الإدارة هو إمكانية حدوث أمور غير متوقعة. 

 

وتقول الصحيفة إن إحدى المهام التي عمل عليها كوشنر كانت زيارة ترامب للسعودية، التي عارض فكرتها وزيرا الدفاع جيمس ماتيس والخارجية تيلرسون، ولهذا تكتم عليها حتى لا يتم الكشف عنها وإعلانها، فحث ماتيس الرئيس على تأجيل الزيارة مدة عام؛ لأنه كان خائفا من الرسالة الخاطئة التي تحملها للأنظمة الديمقراطية حول العالم، وكانت لدى ماتيس شكوك في وعود السعوديين لمواجهة التأثير الإيراني، ومحاربة تنظيم الدولة، وحلّ ترامب المسألة عندما قال لكوشنر إنه سيذهب إلى الرياض في حال وعد السعوديون بشراء السلاح، وزيادة جهود مكافحة الإرهاب. 

 

وبحسب التقرير، فإن "ترامب اعتبر زيارته ناجحة، من خلال المعاملة الخاصة التي لقيها، واستقباله في قصور العائلة، وبحفلة كلفت الملايين على شرفه، وبكرسي يشبه العرش مخصص له، وفاخر ترامب أن القمة أدت إلى شراء السعوديين أسلحة بـ110 مليارات دولار، بالإضافة إلى استثمارات أخرى، مع أن معظم صفقات السلاح والاستثمارات لا تزال على الورق، ولم تتقدم منذ زيارته العام الماضي". 

 

وتؤكد الصحيفة أن عددا من المسؤولين في الاستخبارات والأمن القومي يرون أن حديث ولي العهد عن حل النزاع في الشرق الأوسط تبسيطي، وكذلك جدله بشأن الخطر الإيراني، ويخشون من دعم مسؤولين في البيت الأبيض له، ممن لا علاقة أو معرفة لهم بسياسة الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن مخاوف المخابرات الأمريكية صدقت في حزيران/ يونيو 2017، عندما أطاح ابن سلمان بابن عمه الأمير محمد بن نايف، الذي أقام علاقة قديمة مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، وأصبح هدفا للإرهاب، عندما تعرض في عام 2009 لمحاولة اغتيال نفذها ناشط من تنظيم القاعدة في اليمن. 

 

ويورد التقرير نقلا عن بروس ريدل، قوله إن ابن نايف كان "أفضل شيء حصلت عليه السعودية، بطل صادق في هذا القرن"، وأضاف ريدل، الذي عمل لمدة 30 عاما في الاستخبارات الأمريكية، أن صعود ابن سلمان أزاح "واحدا من أهم مكافحي الإرهاب اليوم". 

 

وتشير الصحيفة إلى أن المخابرات فوجئت في تشرين الأول/ أكتوبر بزيارة كوشنر إلى الرياض، التي تم التكتم عليها، حيث عقد اجتماعا خاصا مع ولي العهد، لافتة إلى أن معظم المسؤولين في البيت الأبيض لم يعلموا فحوى ما جرى فيها. 

 

وينقل التقرير عن مسؤول بارز في الإدارة، قوله إنه تم تنسيق الزيارة مع مجلس الأمن القومي، وقال المسؤولون بعد الزيارة إن الهدف منها كان مناقشة التسوية في الشرق الأوسط، دون الكشف عن لقاءات كوشنر.

 

وتبين الصحيفة أن كوشنر أخبر بعض مساعديه أن المقابلة مع ولي العهد كانت مجرد "عصف ذهني" للاستراتيجيات، إلا أن المخابرات عبرت عن قلقها من عدم توفر المعلومات حول ما جرى. 

 

ويلفت التقرير إلى أنه بعد أيام من زيارته، بدأ محمد بن سلمان حملة لمكافحة الفساد، مع أن خبراء الشرق الأوسط ومنظمات حقوق الإنسان وصفوا عملية اعتقال رجال الأعمال والأمراء بأنها محاولة لتعزيز سلطته. 

 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن الملياردير الأمير الوليد بن طلال كان واحدا من الذين شملتهم الحملة، وكان ابن طلال قد هاجم علنا ترامب عام 2016، ووصفه بـ "العار" على أمريكا، لافتة إلى أن ترامب أيد حملة ابن سلمان في تغريدة له على "تويتر". 

التعليقات (1)
كاظم أنور دنون
الأربعاء، 21-03-2018 10:07 ص
الرسالة القوية التي وجهها ترامب لجحش آل سعود عندما وضح اللوحة في وجهه ليستعرض الأسلحة التي سوف يبيعها له ، الرسالة كانت انك وعائلتك لستم أكثر من تجار تبيعون وتشترون ولستم أصدقاء، فأنتم تسرقون من أموال الشعب ونحن نسرقكم..................... فلا تتبجحون وتقولون عكس ذلك..... وللأسف الحجش السعودي إكتفى بالأبتسام وهز رأسه.