كتاب عربي 21

مرحلة ما بعد السيسي!

آيات عـرابي
1300x600
1300x600
ربما كان أهم ما ميز سنوات الانقلاب وحتى الآن هو أنها محت مرحلة ما قبل 30 يونيو بكل رموزها، وحولتها إلى رماد. ويمكن القول إن الانقلاب كان يعمل في اتجاهين، اتجاه تدمير هياكل الحركات الإسلامية، وهو هدف يظهر الآن بوضوح أنه كان على رأس أجندة داعمي الانقلاب، وفي الوقت ذاته لم يتحقق هذا دون خسائر على حلف الانقلاب نفسه، فأخذ يتآكل. والمشكلة الحقيقية ليست في تآكل حلف الانقلاب، فهذه نتيجة طبيعية. لكن الأعظم أثرا هو تلف البيئة الإعلامية الحاضنة لمؤسسات العسكر وتشقق الواقع. 

ويمكننا القول الآن، وبعد تلك التغيرات الدرامية في مصر؛ من ترشح سامي عنان، ثم اعتقاله، ومن بعده خروج هشام جنينة ليهدد الانقلاب، ثم اعتقاله، ثم اعتقال عبد المنعم أبو الفتوح، إن نار 30 يونيو تأكل بعضها البعض. الانقلاب الآن أشبه بجسد أصيب بمرض مناعي، فصار يهاجم بعضه البعض دون تمييز مما ذكر الجميع بأجواء اعتقالات سبتمبر التي سبقت اغتيال السادات.

الانقلاب الآن يهاجم حاضنته السياسية، ويقوم بنفسه بعملية عزل لنفسه، ليبقى وحيدا في مواجهة الشعب بلا أي ظهير، سوى عدة قنوات لن تستطيع ممارسة الكذب في مواجهة واقع اقتصادي مترد وبيئة سياسية مهدمة. 

الحقيقة أنني لا اعرف من الذي أشار على السيسي بالقبض على سامي عنان، لكن يمكن القول إنه لم يخدم أحد معسكر مناهضي الانقلاب، كما فعل من أشار على السيسي باعتقال عنان ومن بعده عبد المنعم أبو الفتوح. 

كان وصول رئيس مدني ملتح يمثل التيار الإسلامي إلى مقعد الحكم كارثة مثلت بلا شك هزة فسية داخل الجيش، الأمر الذي مثل أحد المحاور النفسية التي قدم بها السيسي نفسه، فبالنسبة لهم، كان يمثل رمزا لاستعادة سيطرة الجيش على الحكم، التي لم تنقطع منذ انقلاب 1952. 

أما وقد ترشح عنان، فقد انفتح الباب أمام المفاضلة بين عدة متاحات تمثل كلها سيطرة الجيش على الحكم، ولم يعد لزاما عليهم أن يرضوا بشخص واحد على مضض، وأصبحت مؤسسة الجيش تفكر بطريقة أنه طالما كان الأمر كذلك، وكانت هناك متاحات أخرى، فلم تفرض نفسك بينما هناك آخرون يمكنهم أنم يؤدوا دور مندوب الجيش في الحكم وبعضهم يفضلك في القبول؟ 

اعتقال عنان هنا مسألة دقيقة جدا، لم تسد الأفق على الشعب، بل سدت الأفق على مؤسسة الجيش نفسها وأثارت حالة من التململ داخل صفوف الجيش لا شك فيها، ويمكن القول إن هذه الحالة كانت أحد أهم الأسباب الدافعة للإسراع في إرسال أعداد كبيرة من الجيش إلى سيناء (35 الف ضابط وجندي) وشغلهم في مهمة ربما كانت بقدر ما هي مقصودة لذاتها، كانت أيضا مقصودة كتفريغ لحالة التأفف التي لا ريب أنها سادت داخل الجيش. 

ثم جاء القبض على عبد المنعم أبو الفتوح وهو أحد الداعين لمظاهرات 30 يونيو وقد كان أحد أهم الشخصيات التي شكلت الحلف الانقلابي بل وربما كان أخطرهم لأنه قادم من صفوف الإسلاميين، وقد ظل مقتصرا طوال السنوات الماضية على إبداء الاعتراض الهادئ على فترات متباعدة بما لا يشكل هزات للحلف الانقلابي. 

ولا شك أن اعتقاله انهى ما تبقى من الحاضنة السياسية للانقلاب، بحيث أصبح الانقلاب معزولا تماما الآن، كجزيرة ظل الموج يأكل أجزاء كبيرة منها من كل ناحية، حتى صار ما تبقى من حلف الانقلاب محاصرا فوق مساحة ضيقة مما تبقى من تلك الجزيرة يحيطها الماء من كل جانب، وأصبحت مسألة غرقها مسألة وقت فحسب. 

كل هذا لم يحدث دون أضرار على سمعة مؤسسات العسكر، التي تآكلت ثقة الشعب فيها بشكل شبه كبير. ولم يعد السؤال الآن هل تنتهي مرحلة السيسي أم لا، بل السؤال الآن، متى تنتهي مرحلة السيسي؟ 

وانتهاء مرحلته هو محصلة قدرته على البقاء طافيا فوق تلك المساحة الضيقة، وبناء على عصبيته وتوتره الذي شاهدناه جميعا منذ فترة، فلا أظنه يستمر طويلا. 

المشكلة في مرحلة ما بعد السيسي هي أن الواقع السياسي أصابه الجفاف الشديد والإرهاق، وأصبحت الأطراف كلها تستلقي على ظهرها لاهثة، تكاد صدورها تتمزق من اللهاث.
4
التعليقات (4)
مصري جدا
الأحد، 18-02-2018 01:39 م
ربط اي خطوة بعودة الرئيس مرسي هي وضع العصا بالعجلة فاذا كان بعض الاخوان يطلبون ذلك فان بعضهم الاخر يرى غير ذلك ،،، هذا فضلا عن باقي القوى الوطنية ،، فالشرعية لا تعني عودة مرسي فك الله اسره ،، لكن تعني ازالة الانقلاب و عودة الحرية والمسار الديمقراطي ،، ووقتها هناك مخرج مشرف ولائق للدكتور مرسي وهو تنازله من اجل وحدة الصف المصري وهو رآي موفق للمهندس يوسف ندى ،،، الاخوان وبكل اسف في المجمل يقفون في المحطات التاريخية ولا يبرحونها ،، وعندما ينتبهون يكون الناس قد رحلوا ،،
ابو العبد الحلبي
الأحد، 18-02-2018 01:39 م
مشكلة المشاكل ، بالنسبة لأمريكا التي تسيطر على مصر و عموم العالم العربي، أنها لم يتبقى لديها سياسيون قادرون على الإبداع في إدارة ما سيطروا عليه. حين كانت تحدث مشكلة أو أزمة في بلد تابع لهم قديماً ، كانت لدى الأمريكان عناصر محترفة تدير الأزمة و تجد لها المخرج بما يديم لها بقاء النفوذ. في الوقت الحالي، التشبث ببقاء السيسي المكروه من غالبية شعب مصر و التشبث ببقاء بشار الممقوت من غالبية شعب سوريا يدل على وجود حالة عناد صبيانية لدى من يصممون و يديرون السياسة الأمريكية "يعني كما يقول أهل مصر:الأمريكان مقفلين". ربما يقال أن أمريكا تتبنى قهر الشعوب و استلاب إرادتها وتحطيمها في سبيل مصالحها لكن هذا منطق عصابات و لا أظن أن أمريكا تدار من عصابات أو شخص جامح متهور كمراهق فلوريدا. مقارنة بسيطة بين الطاقم الذي كان يعمل مع الرئيس جون كينيدي و الطاقم الذي يعمل مع الرئيس دونالد ترامب ،تظهر الفرق الواضح في القدرة و الكفاءة و الفاعلية ، ناهيك عن البون الشاسع بين الرئيسين في مستوى الذكاء فالأول كان عبقرياً بينما الثاني ذكاؤه دون المتوسط و لا يدرك أن الأعمال السياسية لا تتم من خلال صفقات تجارية.
محمودالعبد
الأحد، 18-02-2018 10:52 ص
لقد تاخذلتم على نصرة الرئيس مرسي ليأتي السيسي جاثما على صدوركم إلى ا?بد كما تخاذل الشعب السوري بالثمانينات مع المقبور حافظ الأسد ليورث للسوريين ابنه المعتوه فقتلهم عندما أرادوا ازحته فصبركم على السيسي سيوصلكم إلى نفس المصير
واحد من الناس .... اياً ما كانت طريقة زوال السيسي فما بعده يجب ان يكون واضحاً للجميع
الأحد، 18-02-2018 07:04 ص
.... فاذا استمرت الحياة السياسية بدون النظر للخلف فما سيأتي بعد السيسي هو تحمل كافة تبعات خيانته و تنازلاته فسيعتبر حلقة سوداء من حلقات تاريخ مصر.... أما لو اتفق المصريون على أن ما فعله السيسي لم يكن سوى انقلاب عسكري و أصروا على عودة الرئيس المنتخب و لو لفترة انتقالبة فذلك سيخلص البلد من تبعات خيانة و تنازلات السيسي و الا أصبح الشعب كله ولا مؤاخذه!!!!!

خبر عاجل