مقالات مختارة

خنادق فضائية!

خيري منصور
1300x600
1300x600

إنها عينات مصغرة وكاريكاتورية لما سمي حرب الفضاء، فأسلحتها كلامية فقط إلا في البرامج الحوارية التي يتراشق فيها الضيوف بأكواب الماء والأحذية وما تيسر على المائدة!

ومن راهنوا قبل ربع قرن على أن يتحرر الإعلام الفضائي من جاذبية الإعلام الأرضي فاجأهم الفضاء بما انتهى إليه من ارتهانات أيديولوجية ومالية وسياسية بحيث تنافس رجال مال وأعمال على توظيف قنوات لخدمة مصالحها وما يطمحون إليه من مصاهرة بين المال والسلطة، ومن المألوف أن تختلف الشاشات سواء كانت أرضية أو فضائية في أساليب الأداء وبعض المواقف، لكن من غير المألوف أن تتحول إلى خنادق متقابلة، وبإمكان أي مراقب أن يختار فضائيتين عربيتين ليجد أن إحداهما تقول بأن الشمس تشرق من الشمال والأخرى من الجنوب أما جهة الشرق فهي محذوفة من البوصلة !
وبمرور الوقت وتكريس التوظيف السياسي والأدلجة للفضائيات اصبح لكل واحدة زبائنها المتكررون والذين بمقدور المشاهد أن يحزر ما سوف يقولون بعد الكلمة الأولى، وربما لهذا السبب تؤشر بعض الإحصاءات الراصدة للفضاء انحسار عدد مشاهدي البرامج الحوارية  والتعبير عن ضجرهم من الصراخ وصراع الديكة إلى قنوات ترفيهية .

إن تحديث التقنية في أي مجال لا يعني بالضرورة تحديث الرؤى والمفاهيم، فالتكنولوجيا خدمت أسوأ ظواهر التخلف لدى من استوردوها ولم يخترعوها وعلى سبيل المثال خدمت النميمة والاستعداء والتلاسن بلا أي كوابح !

وسبق لمنجزات تكنولوجية استوردها المستهلكون المحترفون أن أدت عكس وظائفها وأهدافها، فالهواتف استخدمت لإضاعة الوقت والإنترنت للتنفيس عن فائض المكبوتات بدءا من الجسدي حتى الطائفي والسياسيّ.

وهذه مناسبة لاستذكار حكاية طريفة عن رجل أمي كان يرتدي الطربوش ويركب الحمار، طلبت منه امرأة أمية أن يقرأ لها رسالة من ابنها فاعتذر وعندما قالت له خدعتني بالطربوش خلعه عن رأسه ووضعه على رأس الحمار!

الدستور الأردنية

0
التعليقات (0)