ملفات وتقارير

إلى أين يقود مصر.. تأرجح السيسي بين الروس والأمريكان؟

السيسي وبوتين- جيتي
السيسي وبوتين- جيتي

بين الدب الروسي وأبناء العم سام، تبدو سياسات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، متأرجحة بين القوتين الأكبر عالميا، ما يدفع للتساؤل حول مدي مكسب أو خسارة مصر من ذلك التأرجح؟ وهل السيسي حائر بينهما بالفعل أم أنه يتبع سياسة التوازن؟
 
وأعرب الكاتب الصحفي أنور الهواري، عن مخاوفه من أن يؤدي تقلب سياسات السيسي بين موسكو وواشنطن لأن يخسرهما، وقال عبر صفحته بفيسبوك إن "تأرجح السيسي وتنقلاته المباغتة بين الروس والأمريكان من شأنها أن تخسر مصر ثقة الروس وثقة الأمريكان معا"، مضيفا أن "السيسي ملاح تائه، فاقد للبوصلة، في بحار إقليمية ودولية هائجة ومضطربة".
 
مشروعات روسية


وبدت علاقات القاهرة وموسكو في أوجها إثر زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمصر ولقاءه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، الاثنين الماضي، وتدشين عدد من المشروعات الروسية بمصر.
 
ووقعت مصر وروسيا بحضور السيسي، وبوتين، عقد إنشاء محطة الضبعة النووية بقدرة 4800 ميجاوات باستثمارات 25 مليار دولار، وبالتعاون مع شركة (روس اتوم) الروسية، فيما أعلنت روسيا، عن بناء مستودع لتخزين الوقود النووي المستنفد، لمحطة "الضبعة" النووية.
 
وشهد أيضا لقاء السيسي وبوتين، الإعلان عن إنشاء أول منطقة صناعية روسية بمحور قناة السويس، بمساحة 5 كلم مربع واستثمارات تبلغ 7 مليارات دولار في شرق بورسعيد،كما تم الحديث عن تطورات دراسات إنشاء منطقة لوجستية للصادرات المصرية في روسيا.
 
وفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر‏ الماضي، كشفت الحكومة الروسية عن اتفاق مع مصر يسمح للطائرات العسكرية للدولتين بتبادل استخدام المجال الجوي والقواعد الجوية.
 
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2016، قال موقع "برافادا" الروسي، إن روسيا استأجرت قاعدة عسكرية بمدينة "سيدى براني" بمطروح، شمال غرب البلاد في اتفاق يتم تنفيذه بداية 2019، مقابل تحديث روسيا للمنشآت العسكرية المصرية على البحر المتوسط.
 
وكانت علاقات مصر وروسيا قد شهدت حالة من التذبذب منذ واقعة تفجير الطائرة الروسية 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، والتي انسحبت سلبا على علاقة البلدين وبخاصة السياحة الروسية لمصر.
 
السيسي ترامب


ومع قدوم الرئيس دونالد ترامب على رأس السلطة في بلاده؛ بدت علاقات النظام المصري متوائمة مع التوجهات الأمريكية في ملفات وموضوعات إقليمية ودولية عديدة، بينهما ملف "صفقة القرن"، الذي خرج للعلن لأول مرة أثناء لقاء السيسي وترامب بواشنطن، نيسان/أبريل الماضي.

وأثناء لقاء ترامب والسيسي في الرياض، أيار/مايو الماضي، مدح الرئيس الأمريكي قائد الانقلاب وقال إنه "ذو شخصية مميزة ومتفردة جعلته يحقق المستحيل".


كما بدا هذا التقارب مؤخرا من الرد الرسمي المصري الباهت على قرار ترامب اعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل ونقل سفارة بلاده للمدينة الفلسطينية المحتلة الأربعاء 6 كانون الأول/ديسمبر الجاري، ومنع السلطات المصرية أية فاعليات مناهضة بالشارع المصري ضد القرار الأمريكي. 

شراء الشرعية


وفي تعليقه أكد المحاضر بمعهد الشرق الأوسط بجامعة سكاريا التركية، الدكتور محمد الزواوي، أنه "تاريخيا استطاعت مصر أن تحافظ على علاقة متوازنة مع كل من الولايات المتحدة وروسيا، بالرغم من وجود منحنيات مالت فيها مصر إلى أحد الطرفين بصورة أكبر، وذلك من أجل تحقيق مصالحها فيما يتعلق بالتسليح لاسيما في مجال الدفاع الجوي الذي تعتمد فيه بصورة كبيرة على روسيا".
 
وأضاف الأكاديمي المصري لـ"عربي21"، "ولكن في ظل النظام الراهن فإن مصر تحاول أن تعقد مقايضات لصالح النظام أكثر من كونها سياسات تنطلق من المصلحة الوطنية المصرية، ومن ثم فإن معظم تحركات السياسة الخارجية الراهنة تعمل على شراء شرعية للنظام من الدول الكبرى".
 
وأوضح أن النظام يحقق ذلك الهدف "من خلال فتح الباب أمام تلك الدول لبيع سلاحها أو عقد تسهيلات تجارية معها، وكذلك من أجل تخفيف الضغط على النظام فيما يتعلق بسجله في حقوق الإنسان وقمع الحريات".


وبين الزواوي، أنه "ولذلك فإن لجوء النظام المصري إلى دولة سلطوية كروسيا تمثل متنفسا له بعيدا عن الضغوط الغربية، بالرغم من أن التوجه الاستراتيجي طويل الأمد للدولة المصرية هو التحالف مع الولايات المتحدة والانضواء تحت التحالف الغربي لاسيما فيما يتعلق بالتسليح".

وتابع "ولكن تظل روسيا دائما بمثابة الباب الخلفي الذي يقدم خدمات استثنائية للنظام المصري في حال أزماته الداخلية وما يتعلق بالضغوط الدولية عليه".
 
توازن وندية وتكافؤ


وعلى الجانب الآخر يرى رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي، أن "العلاقات الدولية لمصر فى عهد السيسي؛ تتميز بالتوازن والندية والتكافؤ"، وأنها تسير على طريقة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
 
وقال لـ"عربي21"، إن "السيسىي نجح نجاحا كبيرا في إحداث هذا التوازن الدقيق في علاقات مصر بدول الشرق الكبيرة وكذلك بدول الغرب الكبيرة، ونسج علاقات متميزة مع التنين الصيني والدب الروسي ودول تجمع البريكس- الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا-".
 
وأكد الشهابي، أن "السيسي يبتعد بحذر شديد عن أمريكا المنحازة لإسرائيل، وصاحبة مخطط الفوضى الخلاقة في مصر وسوريا وليبيا واليمن ومن قبلهم العراق وتونس".

وأوضح أن "مصر خطت في علاقاتها مع روسيا خطوات عملاقة بتوقيع اتفاقية مشروع الضبعة النووي الذي ختم العلاقات المصرية الروسية بختم العلاقات الاستراتيجية وهذا يعيد تلك العلاقات إلى عصرها الذهبي أيام الرئيس جمال عبدالناصر".

التعليقات (0)