ملفات وتقارير

هل ورطت "دولة الجيش" بمصر الشرطة في حادث الواحات؟

كان السيسي يحتفل بذكرى العلمين بدلا من الذهاب لموقع المجزرة- تويتر
كان السيسي يحتفل بذكرى العلمين بدلا من الذهاب لموقع المجزرة- تويتر

رصد مراقبون عدة مؤشرات تشير إلى أن "دولة الجيش" في مصر، بقيادة جنرالات الانقلاب العسكري، قد "ورطت" قوات الشرطة وتركتها بمفردها في حادثة مجزرة الواحات.

وقتل عشرات من عناصر الشرطة المصرية في اشتباكات مع مسلحين مساء الجمعة، في منطقة الواحات بالصحراء الغربية، وهم 35 مجندا، و18 ضابطا (10 ضباط عمليات خاصة، و7 ضباط بالأمن الوطني، وضابط بالمباحث)، وبينهم ضابطان برتبة عميد وآخر برتبة عقيد، و10 برتبة مقدم، ورائدان وسبعة برتبة نقيب.

 

ورصد الصحفي بقناة الجزيرة، محمد مرسي، مجموعة أمور رأى أنها تكشف عن توريط الجيش للداخلية في حادث الواحات، وسهلت مهمة المسلحين بطريقة غير مباشرة، بهدف إرسال رسالة للشرطة ولكل المؤسسات التي قد تدعم أحد رجال نظام مبارك ضد السيسي، كما قال.

وأشار مرسي، عبر صفحته في فيسبوك، إلى "تجاهل السيسي التام للحادثة، وعدم إصدار وزارة الدفاع لأي بيان يدين الحادث، وتعامل الإعلام ببرود مع المجزرة، والحديث عن الخيانة من قيادات سابقة بالجيش، وإذاعة أحمد موسى لتسريب يهين الشرطة"، ورجح أنها جميعا تشير إلى توريط قادة الجيش للشرطة.
 
غياب الجيش

وتشير شهادات بعض الناجين إلى ترك قادة الجيش؛ عناصر الشرطة في مهمة الواحات بدون دعم لوجستي أو غطاء جوي، وهو ما كشفه تسريب صوتي مسرب لأحد الجنود الناجين من المجزرة، أذاعته قناة مكملين مساء الجمعة.
 
فقد تأخر وصول قوات وطائرات الجيش في إنقاذ قوات الشرطة أو نقل وإسعاف المصابين لمدة تقترب من 12 ساعة، حسب تسريب أذاعه الإعلامي الموالي للانقلاب، أحمد موسى، مساء السبت.
  
حديث الخيانة

من جانبه، أشار المرشح الرئاسي السابق، الفريق أحمد شفيق، عبر صفحته في فيسبوك السبت، إلى أن ما جرى ليست قتلا في كمين، ولكنها "عملية عسكرية كاملة الأركان"، متسائلا عن وجود "خيانة" للقوات وما إذا كان هناك من غدر بعناصر الشرطة.
 
وهذا ما أشار إليه أيضا رئيس أركان الجيش الأسبق، الفريق سامي عنان، في تعليقه حول ملابسات الحادث، حيث خاطب النظام بقوله: "احترموا عقولنا". وتابع متسائلا: "هل أبناؤنا أعز وأكفأ ما نملك ضحية الخيانة، وضعف وسوء التخطيط، وعدم دقه المعلومات؟".
 
وتزامن حديث شفيق وعنان، مع ما رجحه رئيس أكاديمية الشرطة السابق، اللواء أحمد جاد منصور، عن وجود "خيانة". وكتب عبر فيسبوك: "أين أجهزة المعلومات؟ أين التنسيق بين الجهات الأمنية؟ رائحة الخيانة تزكم الأنوف".

 

وتحدث الإعلامي عماد البحيري، عن الغموض المصاحب للحادث ومواقف الإعلام المغايرة، وقال عبر صفحته في فيسبوك: "لما شفيق يقول إن أبنائنا تعرضوا للخيانة؛ لازم نسأل فيه إيه؟ ولما (اليوم السابع) جريدة السيسي هي والإعلام المصري يتجاهلوا الحادث؛ لازم نسأل فيه إيه؟ لما فيه تسريبات للأصوات في العملية تتسرب؛ لازم نسأل فيه إيه؟ ولما الكل يتـأخر في نجدة الشرطة وقرب منهم معسكر جيش والاشتباكات ظلت ساعات؛ لازم نسأل فيه إيه؟"، مضيفا: "عشرات الألغاز تقول أن الحكاية وراءها ترتيب كبير".

ابتسامة السيسي

ووسط الأحزان المصرية، توجه عبد الفتاح السيسي لمدينة العلمين شمال غرب البلاد، السبت، لتأبين قتلى الحرب العالمية الثانية في ذكراها.
 
وجاء أول رد فعل من السيسي متأخرا، الأحد، على لسان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية علاء يوسف، الذي نقل تعازي قائد الانقلاب في اجتماع لمجلس الوزراء، في حين لم يصدر أي تعليق من القوات المسلحة.
 
تواطؤ أمني

وكان لافتا إذاعة تسريب لحديث أحد الجنود عبر اللاسلكي مع قادته إثر المجزرة، وهو ما أثار الشكوك حول تواطؤ بعض الجهات الأمنية بنشر هذا التسريب؛ الذي كشف حقيقة الأحداث وعجز القوات وقلة كفاءتها، وعدم وجود خطة، وربما أيضا حدوث "خيانة" للقوة.
 
ونشر أحمد موسى، المقرب من النقلاب، تسريبا لأحد الأطباء المعالجين للمصابين بعد المجزرة، بدا وكأنه يهدف لتشكيل صورة سلبية عن إمكانيات الشرطة وضعفها بمواجهة المسلحين.
 
كما اعتُبر حديث الإعلامي المقرب من قادة الجيش، مصطفى بكري، عن خطف ضباط شرطة، تقليلا من هيبة الشرطة.
 
حداد بالأردن وغناء بالإسكندرية!

وعلى المستوى الحكومي، بدت المفارقة برد فعل وُصف بأنه "باهت" من مجلس الوزراء ومن البرلمان، بينما حضر محافظا الإسكندرية والبحيرة، محمد سلطان ونادية عبده، ليلة السبت، حفلا للمطربة سميرة سعيد بمهرجان الإسكندرية للأغنية.
 
وفي الوقت الذي أعلن فيه الأردن الحداد على ضحايا المجزرة بمصر، لم يتم إعلان الحداد العام أو تنكيس الأعلام في المؤسسات والوزارات الحكومية المصرية، ولم يتم وضع شريطة سوداء عبر شاشة الفضائيات الموالية للانقلاب.
 
وبدا أن الإعلام المصري حاول لفت الانتباه عن الحادث بتقليل عدد القتلى، والتركيز على حفل ملكات جمال مصر لتنشيط السياحة، وزواج الفنانة سمية الخشاب من المطرب أحمد سعد، وهزيمة الزمالك في الدوري بثلاثة أهداف، وهي التي تزامنت جميعها مع مجزرة الواحات.

 

وانتقد رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي، عبر صفحه بتويتر موقف الدولة المصرية وإعلام النظام، وقال: "الأردن نكس أعلامه وقنواتنا الحكومية والخاصة كأن الحادث في بلد آخر، حتى الشريط الأسود لم تضعه أي قناة". وتساءل: "لماذا لم نعلن الحداد على شهداء الواجب الوطنى؟، مضيفا أن "الحكومة غائبة".
 
تحققت أهداف السيسي

وفي تعليقها، قالت أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، سارة العطيفي، إن "دم المصريين برقبة السيسي وعصابته"، مشيرة إلى أن "ما يحدث الآن هو مثال حي لما كان يريده السيسي بتحويل مصر لبحيرة من الدماء والاقتتال بين الشعب والأجهزة، بهدف إسقاط مصر بحرب أهلية"، وفق قولها.
 
وأكدت العطيفي لـ"عربي21"؛ أن "مئات الشهداء يتساقطون يوميا على أيدي الإرهابيين الحقيقيين من رجال المنظومة الانقلابية، وهناك آلاف  المصابين بالجيش والشرطة يتساقطون يوميا؛ لمجرد أنهم  ينفذون أوامر السيسي"، محملة إياه "وزر قتلهم بهذا الشكل البشع".
 
وأضافت المنسقة الإعلامية لحركة "مصريون بالخارج من أجل الديمقراطية"، إن السيسي "هو المسؤول عن سفك وإراقة دماء المصريين وتفجيرهم وقتلهم بالرصاص الحي ومدافع (أر بي جي) و(الجرينوف) بسيناء والواحات، والمسؤول عن الفوضى التي تحدث على أرض مصر"، وفق تقديرها.
 
وقالت إن "السيسي هو من فتح الطريق للإرهاب بكل بقاع مصر، وسمح بدخول الأسلحة بكافة أشكالها لمصر حتى تكون له مليشياته التي تحميه، وهو من سمح لجهاز الأمن والشرطة وحتى أصغر جندي؛ بقتل المصري حتى ولو اشتباه".

التعليقات (0)