مقالات مختارة

قطر والأربعة والمجتمع الدولي

محمد صالح المسفر
1300x600
1300x600
قطر تدعو إلى حوار منذ اللحظة الأولى التي فرض عليها الحصار

كلما لاحت في الأفق بارقة أمل لحل النزاع القائم في خليجنا العربي، يتسابق شياطين الإنس في هذه البقعة الجغرافية للتشويش على تلك البارقة، وإعمال كل جهودهم لإغلاق كل الآفاق "الآمال" للخروج من هذه الأزمة المفتعلة، والتي تقودنا جميعا إلى التهلكة، وسوف يجدّ الأقوى لابتزازنا ماليا وسياسيا ولا سبيل أمامنا الاستجابة لذلك الابتزاز، وما لنا إلا أن نقول حسبنا الله على من وضع خليجنا في هذه الحالة المزرية.

(2)

طالع الأزمة الراهنة كان تاريخا أسود في تاريخنا العربي المعاصر 5 يونيو، ولذلك التاريخ ما له في الذاكرة العربية، في ذلك اليوم من العام الحالي فرض الحصار على دولة قطر من قبل الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي، وتعينهم مصر السيسي المهزومة من إثيوبيا جنوبا إلى الدلتا شمالا، ومن سيناء شرقا إلى العلمين غربا.

قدم فرسان الحصار الأربعة في بادئ الأمر 13 نقطة غير منطقية رفضتها قطر جملة وتفصيلا، ولم يقرها المجتمع الدولي. فراحوا يخففون من شأن تلك المطالب وحصرها فيما أسموه المبادئ الستة، والتي لم يقر بها أي طرف من أطراف المجتمع الدولي، وأدرك الخلق جميعا أن الهدف من هذه المعركة ضد دولة قطر هي أهداف مستترة مؤداها تمرير مشاريع داخل تلك الدول وأخرى خارجها، لكي ينشغل الناس بأخبار الحصار وينصرفوا عما عداه، وفوق هذا محاولة إخضاع قطر لإرادة تلك الدول بتجريدها من سيادتها وتوجيه علاقاتها الدولية الوجهة التي ترضي تلك الدول. 

راح وزراء خارجية الدول الأربع يتسابقون عبر عواصم الدول الغربية يحرضون قادتها ضد قطر ويشيعون أنها مأوى الإرهاب ومصدر تمويله، والغرب والشرق يعلم علم اليقين من هم موئل الإرهاب ومنظروه وممولوه، ومن أين تأتي مادة الإرهاب ومناهجه، وعلى ذلك تشكل هذا الأسبوع لجان مشتركة أمريكية ودول خليجية لصياغة مناهج تعليم وتنقية كتب التاريخ من كل ما يوحي بعظمة هذه الأمة ودورها في التاريخ الإنساني، لتكون مناهج باهتة لا روح فيها بمعنى مناهج تعليم تشبه مناهج محو الأمية في أي دولة. قد يفعلون بالمناهج ما يفعلون لكنهم لا يستطيعون، رغم رغباتهم الملحة، إجراء أي مساس بأبي المناهج الإسلامية إنه القرآن الكريم.

قطر منذ اللحظة الأولى التي فرض عليها الحصار، وهي تدعو إلى حوار بناء على قدم المساواة بين الظالم والمظلوم، وأن التشنج في خلق المشكل غير المبني على معلومات دقيقة ومقرونة بما يثبت أقوال الظالمين ومن ثم التصديق بصحة ما يقولون كلها أمور تثير الدهشة والاستغراب. الغرب والشرق وافقوا ما قالت به قطر، وهو الحوار بين الأطراف على قدم المساواة، وأعلنت جميع القوى السياسية وعبر وسائل الإعلام أن محاربة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله هي مسؤولية جماعية عالمية وليس مقصودا بها قطر بمفردها، الأمر الذي أغضب وزير خارجية السيسي في بروكسل وسبب له حرجا كبيرا أمام المجتمع الغربي. أفلا يعقل الفرسان الأربعة أنهم في مأزق الخروج منه هو القبول بما طالبت به قطر ووافقها العالم؟.

(3)

يقول وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن "الطلاق وشيك" بين الثلاثة المحاصرين ودولة قطر، ويعني إخراج قطر من منظومة مجلس التعاون الخليجي، ويقول وزير الدولة للشؤون الخارجية الإمارات أنور قرقاش: "لا حوار مع قطر حتى تقدم على إجراء التغييرات، سنمضي قدما من غير قطر". الغريب في الأمر أن الإمارات أول من هدد بالخروج من مجلس التعاون في المرة الأولى عندما قال الأمير سلطان آل سعود رحمه الله قولة عن سكان الإمارات، وتكرر التهديد بالخروج من المجلس عندما وقعت السعودية اتفاقية أمنية مع إيران لأنهم على خلاف مع إيران حول الجزر الثلاث، والمرة الثالثة عندما لم توافق السعودية على أحقية أبوظبي بجعل مقر البنك الخليجي المعني بتوحيد العملة الخليجية ولهذا تعثر المشروع، وأخيرا وليس آخرا عندما منعت السعودية مواطني الإمارات من استخدام البطاقة الشخصية بدلا من جواز السفر بين دول المجلس أسوة ببقية الدول الأعضاء وذلك لسبب رسم خارطة الإمارات على البطاقة الشخصية متضمنة أجزاء تقع تحت سيادة السعودية حسب الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين إبان حكم الشيخ زايد رحمه الله.

والحق أن بقاء دولة قطر في عضوية منظمة مجلس التعاون لم يعد مغريا للمواطن القطري بعد أن عاداه من كنا نحبهم وندفع الشر عنهم، فخذ المجلس يا سيد قرقاش برمته، وبصمته الرهيب عن كل ما يهدد أمن وسلامة واستقرار دول المجلس. إن المجلس الذي تهددون قطر بخروجها منه لم يعد مجديا في الأصل، إنه لم يردع عدوا ولم يشد أزر صديق ودليلي في ذلك أن كل دولة من دول الخليج عقدت اتفاقيات أمنية مع دول خارج دائرتنا العربية الإسلامية، فهنيئا لكم بمجلس الصامتين.

آخر القول: ما برحنا ندعوكم أشقاءنا الثلاثة، تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، أن نحمي خليجنا كله من عاديات الزمان المتربصة بنا جميعا. إنكم تعلمون علم اليقين بأن دولة قطر ليست لها علاقة بالإرهاب والإرهابيين، وأنتم الأكثر اتهاما من قبل الغرب، ولا تتدخل في شؤونكم الداخلية ولا تفرض عليكم آراءها ومواقفها. تعالوا نتعاون على البر والتقوى، ولا نعادي بعضنا بعضا، واحذروا الكذابين والمنافقين من حولكم.

الشرق القطرية
0
التعليقات (0)

خبر عاجل