ظهور بعض العناصر السيناوية المتعاونة مع الجيش
المصري وهي تقتل سيناويين أيضا ضمن حملة عسكرية في فيديو بثته قناة مكملين مؤخرا، ينذر بحرب أهلية طويلة في
سيناء يغسل الجيش يده منها، بعد أن يترك القبائل تجهز على بعضها البعض، في عمليات ثأر لا تنتهي، وفي معارك ممتدة لا تقل عن معارك داحس والغبراء.
الفيديو الذي حاولت سلطة
السيسي إنكاره عبر أذرعها الإعلامية، وعبر محاولات تشكيك المخابرات الحربية والشؤون المعنوية -التي وزعت نصا موحدا على وسائل الإعلام للتشكيك- خرج من النطاق المحلي إلى النطاق الدولي، حيث صرح المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوغريك يوم الجمعة، بأن "الأمم المتحدة على دراية بمقطع الفيديو المتداول، وأن الحرب على الإرهاب لا ينبغي أن تكون على حساب حقوق الإنسان".
وبينما احتدمت معارك إلكترونية بين أنصار السيسي ومناهضيه لتأكيد أو دحض حقيقة الفيديو، جاء الرد سريعا من منظمة العفو الدولية التي أصدرت تقريرا عاجلا أكدت فيه صحة الفيديو من خلال تحليل خبرائها الفنيين، موضحة أن الفيديو صُوِّر في منطقة صحراوية تقع بين جنوب الشيخ زويد ومدينة رفح المصرية.
وهو الأمر ذاته الذي ذكرته منظمة هيومن رايتس ووتش. التي أوضحت أن الواقعة حدثت في وقت ما بين شهري تشرين الأول/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر 2016 في قرية التومة جنوب الشيخ زويد، التي كانت محل كثير من عمليات القوات المسلحة ضد عناصر ولاية سيناء.
لم تكتف المنظمتان الدوليتان المعنيتان بحقوق الإنسان بتأكيد صحة الفيديو بل إنهما توصلتا من خلال معلوماتهما الخاصة لمعرفة الشخصين الذين تم إعدامهما وهما الشقيقان داود صبري العوابدة (16 سنة) وعبد الهادي صبري العوابدة (19 سنة)، من قبيلة الرميلات.
وسبق أن اعتقلهما الجيش في 18 تموز/ يوليو 2016، في مدينة رفح، قبل أن تنقطع أخبارهما تماما، كما أوضحتا أن قاتل الطفل الموجود في الفيديو هو عنصر معروف في مليشيا محلية تدعى "
فرقة الموت"، تعمل بناء على طلب من الجيش المصري.
فرقة الموت هذه، أو ما تسمى بالفرقة 103، التي ضمت القاتل الذي ظهر في الفيديو ( إبراهيم حماد المشوخي)، الذي تعرف عليه أهل سيناء تماثل المليشيات أو الصحوات التي أنشأتها قوات الاحتلال الأمريكي في العراق لمعاونتها في مقاومة تنظيم داعش.
لكن الخطير في الحالة السيناوية، هو أن معرفة أهل سيناء بعناصر هذه الصحوات، أو المليشيات السيساوية، وانتماءاتها القبلية، ستفتح بابا لن يغلق للثأر من القبائل التي تنتمي لها تلك العناصر.
يمكن لأهل سيناء تناسي دماء أبنائهم على يد الجيش سواء بالحق أم بالباطل، لكنهم لا يمكن أن ينسوا أبدا دماء سالت على يد منتمين لبعض قبائلهم، هنا ستظهر أعراف البدو العتيدة في الثأر ولو بعد مائة عام.
وهنا ندرك أن مليشيات السيسي في سيناء تهيئ المسرح لهذه الحرب الأهلية بين أهل سيناء بعد أن عجزت تلك المليشيات عن مواجهة تنظيم داعش، وهذه التهيئة للحرب الأهلية التي ستنطلق في سيناء لكنها على الأرجح لن تتوقف عند حدودها بدأت بالترغيب والترهيب وصولا إلى تسليح البعض بسلاح ميري بحجة الدفاع عن النفس.
وبدأت المحاولات بمحاولة إقحام قبيلة الترابين وهي من كبرى القبائل السيناوية في مواجهة مع تنظيم داعش، ثم تطور الأمر لتكوين تلك الصحوات (الفرقة 103) التي تم استنساخها من تجربة صحوات العراق التي أسسها ديفيد باترسون عام 2006.
وتورط أفراد تلك الفرقة في عمليات قتل واعتقال وهدم بيوت العديد من أهل سيناء، بسبب أحقاد قبلية قديمة مستغلين السلطة والأسلحة التي منحتها لهم الدولة، وجاء الفيديو الأخير ليؤكد تلك المخاوف بعد تعرف أهل سيناء، وبالذات أهل القتلى على هوية قاتلهم الذي ينتمي لعائلة سيناوية، وهو معروف بين أهل سيناء بسلوكياته المشينة التي تتجاوز عنها السلطات الأمنية، وفقا لما صرح به الشيخ إبراهيم المنيعي، رئيس اتحاد قبائل سيناء.
الحرب الأهلية في سيناء ستكون هي المخرج للسيسي للدخول في الإجراءات العملية لتنفيذ صفقة القرن، وهي الوطن البديل للفلسطينيين في سيناء، وذلك عبر الادعاء بأن سيناء أصبحت عبئا على مصر بحروبها الأهلية التي لا تنتهي، التي سيستغلها السيسي لطلب مساعدة دولية أشارت بعض وسائل الإعلام مؤخرا لشيء منها، حين تحدثت عن احتمالات توجيه ضربات أمريكية بصورايخ التوماهوك لبعض تمركزات داعش في سيناء.
وإذا حدث هذا التدخل الدولي خصوصا البري، سيسجل تاريخ فاصل ونهاية للسيادة المصرية على سيناء، وبدء طرح مشروع الوطن البديل عمليا وسط زفة إعلامية سيساوية ترحب بالفكرة، باعتبارها تخليصا لمصر من مشاكل سيناء من جهة، وباعتبارها مصدرا لمعونات مالية دولية سخية لمصر، وباعتبارها مفتاحا لتحقيق الاستقرار في المنطقة من جهة أخرى.
ولا يمكننا فصل الاعتداء على كمين دير سانت كاترين عن هذه الخطة أيضا، إذ من المعروف مدى حساسية هذا الدير للقوى المسيحية الدولية التي سبق لها أن تذرعت بتحطيم تماثيل بوذا لضرب أفغانستان واحتلالها، وإنهاء حكم طالبان من قبل.
من حسن الطالع، أن أهل سيناء يدركون المؤامرة التي تحاك لهم، ولمصر عموما، ويحاولون تجنبها بقدر المستطاع، لكن من سوء الطالع أيضا، أن من يحكم مصر في هذه الفترة شخص خائن منبطح، باع فعلا جزءا من أرض سيناء بثمن بخس (تيران وصنافير) وليس لديه أي مانع لبيع المزيد مقابل ضمان بقائه في السلطة.
ومن المؤكد أن مواجهة خططه ومؤامراته على الوطن لن تكون مسؤولية أهل سيناء وحدهم، بل مسؤولية كل مصري يعشق تراب هذا البلد.