هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
التقنية هنا لا تعير كبير اهتمام لقيمة المعلومة، بقدر ما تهتم بحجمها عندما تبرز، ثم عندما تروج، ثم عندما تصل للمتلقي، والذي يقوم بدوره بإعادة ضخها في البنية جزئيا أو بالكامل.
شركات الإعلام والمعلومات والاتصال الكبرى (جوجل، أمازون، آبل، فايسبوك، ضمن آخرين) قد أضحت من القوة التكنولوجية والاقتصادية والمالية ما تجعلها لا تعير كبير اعتبار للقوانين القائمة.
"الدولة الوطنية" العربية، في خلقتها كما في طبيعتها، في طبعها كما في طابعها، ناهيك عن سلوكها وسياساتها، هذه الدولة لا تختلف كثيرا عن الاحتلال المباشر الذي ثوت خلفه القوى الغربية لعقود طويلة.
وأنا أتأمل المحاور الكبرى التي بنى عليها دونالد ترامب سياسته، يبدو لي أن لفكر شتراوس مرتبة فريدة ضمنها..
هل نجحت هذه الفضائيات في المهمة؟ أعني، هل استطاعت أن تخدم الإسلام والمسلمين، أن توحد خطابهم برسالة موحدة، أن تصد الهجمات ضدهم، وأن تروج لمضامين الوسطية والاعتدال التي ينشدها الدين الإسلامي؟
إذا كان مجتمع الإعلام قد أعلى من مرتبة "البعد الأدواتي"، فإن ذلك لم يحل دون المؤلف ودون ربط ذات البعد بأشكال الاستخدامات التي تتأتى منه، لا سيما الاستخدامات الاجتماعية والثقافية.
السياسات الهادفة إلى بناء "مجتمعات معرفية جهوية" على هذه الخلفية، تبقى محدودة الأثر والأبعاد، إذ إن نموذجي الاقتصاد والمجتمع "الكونيين" هما في الآن ذاته تكريس لنموذج في التربية والثقافة والفكر لا يقبل بـ"يالطا لغوية" تتوزع مناطق النفوذ بموجبها على خلفية من اللغة..
من شأن هذه التكنولوجيا أن تقوي العلاقات الاجتماعية بحكم الطبيعة الشبكية التي تنسجها من حولها وفي محيطها العام، لكنها تطرح في نفس الوقت إشكالية الهوية والخصوصية.
أن يقرأ المرء بلغة غير لغته، أن يتابع برنامجا ثقافيا تلفزيونيا بلغة غير لغته، كلها عناصر تدفع إيجابا بجهة التنوير. لكنه تنوير من نوع خاص. تنوير من خلال الآخر، من خلال إعلامه وثقافته ومنظومات قيمه..
ما يروج من معلومات ومعارف ومضامين ثقافية لا تخرج، بنظر منتجيها، عن كونها سلعا تنتج لتباع وتستخلص منها هوامش الربح. ولذلك، يقول هؤلاء، فإن وجهتها النهائية هي السوق وليس النفوس ولا العقول..
الثقافة الافتراضية لا تحتكم إلى حدود و لا تخضع لقوانين وطنية، إنها "ثقافة الشبكات"، حيث لا إكراهات إلا ما تفرضه ذات الشبكات أو تقيمه
الإشكالية تبقى مع ذلك مطروحة وبقوة: إشكالية فك معضلة المجاني والمؤدى عنه بالشبكات الرقمية، وبمقدمتها الإنترنت.
هل ولى زمن المكتوب والمسموع والمرئي؟ هل "انتصر" خيار الافتراضي وبات مسكن وسائل الإعلام التقليدية؟ لسنا متأكدين من ذلك حقا. بيد أن الذي يتموج أمام أعيننا إنما حقيقة تقدم مجال وتراجع آخر..
تروج، منذ مدة غير بعيدة في الأدبيات الإعلامية، مقولة مفادها أن الإعلام، الإعلام التقليدي تحديدا، بروافده المختلفة، المكتوبة والمسموعة والمرئية، قد انتقل إلى مرحلة جديدة من مراحل تطوره، بحكم الطفرة التكنولوجية التي طاولت ميادين الإعلام..
الإعلام قد بات مطالبا اليوم بالاشتغال وفق ثلاثة مسارات رئيسية، متنافرة في المظهر، لكنها متكاملة بقوة في الجوهر: مسار التكاملية بين المضامين الرقمية ومضامين الحامل الورقي.
إن الخروج من اختزالية النمط التمثيلي، الذي لم يكن المواطن بموجبه إلا مجرد مصوت أو مراقب للسياسة عن بعد، هذا النمط بات في طريقه للتجاوز، ليس فقط بفعل التحولات التي طاولت الفضاء العام، ولكن أيضا لأن جدلية التكنولوجيا والمجتمع هي التي باتت تؤثث ذات الفضاء.