اللافت أن تيار الحزم الجديد في السعودية يعتقد بأن أمواله يمكن أن تشتري دولاً بأكملها، وربما هذا يفسر سرّ استعداد السعودية على انفاق كل أموالها لصالح أمريكا لعل الأخيرة تنحاز لموقف السعودية فعلا وليس قولا.
الأصل أن إيران تشكل تهديدا على مصالح أمريكا وإسرائيل، وليس فقط على مصالح السعودية، وبناء على ذلك ما كان ينبغي أن تندلق الرياض في محاولة بائسة لتقديم الغالي والنفيس لقاء ترسيخ تحالف مع واشنطن وحتى إسرائيل. فالجانب الآخر، أي أمريكا وإسرائيل لا يخطب ود العرب لمحاولة تأسيس محور أو تحالف ضد إيرن.
بإقالته وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون من منصبه وتعيين مدير وكالة الاستخبارات مايك بومبيو بدلا منه، يدق الرئيس دونالد ترامب مسمارا قد يكون الأخير في نعش محور "الراشدين"، وهو المحور الذي تزعمه ريكس تيلرسون وخلق نوعا من التوازن في سياسة أمريكا الخارجية.
أي متابعة لحزب الليكود على وجه التحديد تكشف بشكل واضح أن الذين يتحدون نتنياهو علنا يخسرون مواقعهم عند اعضاء الحزب، لكن ماذا لو تيقن اعضاء الحزب أن نجمهم المفضل أصبح عبئا وأن المجتمع الإسرائيلي في نهاية المطاف سينقلب على فساده في حالة ثبوته.
?
في خضم ما يجري في الإقليم والصراع الدائر عليه، لم يعد أمامنا كعرب غير طيّ صفحة الخلافات وخلق أرضية مشتركة لمواجهة تحديات جسام بدأت تطل برأسها في المنطقة. وفي هذا السياق على الجميع أن يتذكر أن اتهامات السعودية ومن يقف معها ضد قطر هي اتهامات أقل ما يمكن أن يقال عنها بأنها باطلة ولا تستند إلى أي برهان.
بعيدا عما تصفه الادارات الأمريكية من تحديات تواجهها في المنطقة، إلا أن مصالحها ليست مهددة، ولا نذيع سراً عندما نقول بأن جزءا من العرب حافظ ومازال على المصالح الأمريكية، ومن هنا ما الذي تخشاه واشنطن لقاء انحيازها السافر لتل أبيب؟! لا شيء حقا.
أجزم أن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا ستخلقان إيران لو لم تكن موجودة، فهذا البعبع الذي تم تسمينه بتواطؤ أمريكي يتم توظيفه إسرائيليا وأمريكيا لانتزاع تنازلات من السعودية، والأخيرة باتت ترى كل شيء تحت الشمس من منظور الخطر الإيراني.
قبل أسبوع زار الجامعة الأردنية مستشار في السفارة السعودية بعمان للحوار مع أساتذة العلوم السياسية، وكان منطق المستشار – الذي يعكس فهمه للبنية الذهنية لتيار الحزم – غريبا بعض الشيء، فقال بأن من يريد الحصول على مساعدات من السعودية عليه أن يكون شريكا في الغرم.
لسنا في موقع من يقدم النصح للقيادة السعودية التي أصبحت واشنطن قبلتها، لكن ومن باب التذكير يمكن القول إنه لا أحد فوق النقد. وهذا بالضبط ما يستلزم على السفراء السعوديين استبطانه في قادم الأيام، فالشعوب العربية الحرة التي تنتفض ضد قادتها لا يمكن لأحد أن يقمعها أو يهددها.
تحركات الأردن على المستويين الداخلي والخارجي سببت صداعا قويا لولي العهد السعودي، الذي اعتقد في لحظة بأنه لا خيار أمام الأردن سوى الانصياع والإذعان لمنطق تيار الحزم، فالمظاهرات التي اندلعت في الأردن استهدفت السعودية على وجه التحديد، الأمر الذي أثار السفير السعودي في عمان.
انحياز ما يقارب من نصف الشعب الإماراتي للموقف القطري هو هزيمة كبيرة بتقديري للموقف الرسمي الإماراتي الذي يبدو أنه منفصل عن واقع تطلعات ومواقف الشعب الإماراتي. والراهن أن الحملة الإعلامية الكبيرة التي تقودها الإمارات لشيطنة قطر ومواقفها لا تؤتي أوكلها .
لو طرحنا جانبا النقاش البيزنطي الذي دار لعقد من الزمان حول من يمثل الفلسطينيين ومن يعبر عن تطلعاتهم، لخلصنا إلى نتيجة واضحة جوهرها أن الانقسامات الفلسطينية بين غزة والضفة الغربية هي من أسهمت في إبعاد طرفي المعادلة عن تحقيق الأهداف المعلنة لكليهما.
بدأت الخلافات بين الرئيس دونالد ترامب ووزير خارجيته ريكس تيلرسون بخصوص الكثير من الملفات المهمة تطفو إلى السطح، ولا يُعرف بعد فيما إذا كانت هذه الخلافات هي خلافات آنية وعابرة، أم أنها ستعصف بعلاقة الصديقين، ما يدفع تيلرسون إلى الاستقالة.
قطر ليست سببا لإخفاقات الدول الأخرى، ولو توارت قطر عن الأنظار فهل كان هذا سيعني انتصارا سعوديا مؤزرا، الانفصام والتناقض في خطاب دول الحصار بات واضحا ولا يمكن إخفاؤه خلف سحابات الدخان الكثيف التي تأتي بعد كل تصريح هنا أو هناك.
كأن معارضة بعض أركان العائلة السعودية لا تكفي، فقد تصدى بعض الناشطين السعوديين لإطلاق دعوة للحراك ضد ولي العهد على وجه التحديد بعد أن تبين للقاصي والداني بأنه هو شخصيا من يدير دفة أمور الحكم في المملكة، فهي إذن ليست معارضة للحكم في السعودية وإنما لشخص بعينه.
