تشهد العلاقات الأمريكية الروسية في الآونة الأخيرة تصعيدا كبيرا عنوانه الغوطة الشرقية، ووصل الأمر إلى حد إعلان المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن الدولي نيكي هايلي أن "الولايات المتحدة مستعدة للتحرك في سوريا إذا تعين ذلك"، وأنه "عندما يتقاعس مجلس الأمن عن التحرك فهناك أوقات تضطر فيها الدول للتحرك بنفسه
نتيجة فشل الروس في تحقيق اختراق سياسي في سوتشي، ونتيجة لفشل المحور الروسي في إجراء خرق في جدار "قوات سوريا الديمقراطية" المحمية أمريكيا، بدأ الروس إعادة ترتيب المشهد العسكري في مناطق خفض التوتر؛ بما يناسب المواجهة مع الولايات المتحدة التي تحمل عنوان الصراع في المرحلة المقبلة.
ما تزال روسيا وإيران وسوريا يعتمدون مبدأ الحرب امتداد للسياسة وإن بوسائل أخرى، ولم يدركوا بحكم آليات الفهم السائدة لديهم من جهة وخبراتهم التاريخية الفاقدة للديمقراطية من جهة ثانية، أهمية التسويات الكبرى التي تقوم على مبدأ المصلحة المشتركة.
كان من المفترض أن يكون "مؤتمر الحوار الوطني" السوري في سوتشي محطة سياسية هامة لموسكو من شأنها أن تضعها بقوة على المسار السياسي بعدما موضعت نفسها بقوة على المسار العسكري.
بدا واضحا منذ انهيار منظومة "تنظيم الدولة الإسلامية" في الشرق السوري أن مرحلة جديدة من الصراع ستفتح بين النظام من جهة و "قوات سوريا الديمقراطية" من جهة ثانية.
مع استكمال اجتماعات استانا لمهمتها تقريبا، تستعد الساحة السورية لمخاض سياسي جديد يعكس طبيعة المرحلة الحالية الناجمة عن التفاهم / التنافس بين اللاعبين الرئيسيين في الملف السوري، الولايات المتحدة وروسيا.
طالما شكلت مقولتا الأمن والحرية نقاشا على المستوى الفكري بين المدافعين عن الاستقرار والسلام مقابل المدافعين عن الحريات، وعادة ما يحتدم هذا النقاش في الدول التي لم تستطع التوفيق بين المقولتين..
مع الغموض الذي يكتنف مصير محافظة إدلب نتيجة غياب التفاهمات الإقليمية ـ الدولية، تبدو محافظة دير الزور على موعد مع إطلاق المعركة الكبرى ضد "تنظيم الدولة الإسلامية".
تشهد المعارضة السورية مخاضا سياسيا جديدا يختلف تماما عن المراحل السابقة، مخاضا ستتحدد معالمه في الاجتماع المرتقب بين "الهيئة العليا للمعارضة" وبين منصتي موسكو والقاهرة في 22 الشهر الجاري بجنيف.
بدا واضحا من بدء الثورة السورية وتحولها إلى أزمة إقليمية ومن ثم دولية، أن المجتمع الدولي ليس متشجعا لإسقاط النظام لا على الطريقة الليبية ولا حتى على الطريقة المصرية.